ملف الريف آخذ في التحول الى مصدر للتوتر بين المغرب والاتحاد الأوروبي

العلم المغربي والأوروبي

بدأ ملف الحراك الشعبي في الريف يلقي بظلاله على العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي بسبب الأحكام القاسية ضد نشطاء الريف. وتوجد مؤشرات على تفاقم التوتر بين الطرفين بسبب الاختلاف في الرؤية واحتمال لعب بعض الهيئات مثل البرلمان الأوروبي دورا لتغذية هذا التوتر.
في هذا الصدد، تشهد بعض المدن الأوروبية الكبرى تظاهرات منددة بالأحكام القاسية ضد نشطاء الريف التي صدرت الثلاثاء الماضي، وآخر هذه التظاهرات  التظاهرة الضخمة التي شهدتها بروكسل أمس الأحد بينما شهدت مدن مثل برشلونة وباريس ومدريد وأمستردام تظاهرات خلال الأيام الماضية.
ويعتبر استدعاء المغرب للسفيرة الهولندية المعتمدة في الرباط السبت الماضي للاحتجاج على معالجة البرلمان الهولندي للملف الريف، وهو البرلمان الذي انتقد بشدة المغرب، مؤشرا قويا على التوتر خلال الأسابيع المقبلة. وبينما يرفض المغرب الانتقادات، ترى أطراف في أوروبا أحقية توجيه انتقادات الى المغرب.
في هذا الصدد، ينطلق المغرب من اعتبار ملف الريف شأنا داخليا لا يمكن للدول الأجنبية التدخل فيه نهائيا، ولهذا انتقدت الرباط عدد من الدول الأوروبية التي حاولت معالجة هذا الملف مثل بلجيكا وأساسا هولندا.
في المقابل، تعتبر بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها هولندا أحقية تدخل أوروبا في الشؤون المغربية للأسباب التالية: تمتع المغرب باتفاقية الشراكة المتقدمة مع الاتحاد الأوروبي، وهي الاتفاقية التي تنص على احترام المغرب لحقوق الإنسان، ومن أشياء أخرى قيام الاتحاد بتمويل إصلاح القضاء المغربي ليقترب من مستوى الدول الأوروبية.
في الوقت ذاته، تصر بعض الدول الأوروبية على التدخل نظرا للروابط الإنسانية بين منطقة الريف والشعب المغربي عموما والشعوب الأوروبية حاليا بسبب وجود أكثر من مليوني أوروبي من أصول مغربية، ونسبة عالية من منطقة الريف. وكان وزير خارجية هولندا ستيف بلوك دالا في تصريحاته أمام برلمان بلاده بقوله أنه لن يتم السماح للمغرب بتحديد سقف حرية التعبير السياسية لهولنديين من أصل مغربي. وتتخوف دول أوروبية من احتمال ملاحقة المغرب لنشطاء أوروبيين من أصل مغربي في أوروبا. وعمليا، اعتقل القضاء المغربي الشهر الماضي ناشطا بلجيكا من أصل مغربي وحكمت عليه منذ أيام في مدينة الناضور بسنة سجنا.
لكن مشاكل المغرب الحقيقية ستكون مع البرلمان الأوروبي ابتداء من الموسم المقبل. ويتميز البرلمان الأوروبي بوجود أحزاب يسارية وحتى يمينية لديها مواقف راديكالية من السياسة المغربية. ويتمتع نشطاء حقوقيين مغاربة في أوروبا بنوع من لتأثير على مجموعات برلمانية الأوروبية. وقد يلجأ البرلمان الأوروبي الى الأسلوب نفسه الذي تعامل به مع المغرب بداية التسعينيات من القرن الماضي، عندما ربط التوقيع على اتفاقيات تجارية بضرورة إفراج الدولة عن المعتقلين السياسيين اليساريين الذين كانوا قد اعتقلوا في السبعينات.
وحتى الأمس القريب، كان ملف الصحراء  من أبرز مصادر التوتر بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وهناك تخوف من احتمال تحول ملف الريف الى مصدر ثان للتوتر بين الطرفين.

Sign In

Reset Your Password