افتتاحية: انتفاضة 23 مارس 1965 عندما تبخرت أحلام المغاربة بعد الاستقلال وحل العنف والفساد

صورة من صور انتفاضة 1965

تحل يوم 23 مارس 2018 الذكرى 54 لأول انتفاضة اجتماعية في تاريخ المغرب بعد نهاية الاستعمار، وشكلت بداية الطلاق بين الدولة المخزنية وجزء كبير من الشعب المغربي، وكانت بداية مسلسل من التوتر تجلى في انقلابات عسكرية وانتفاضات شعبية.

وكان المغرب قد عرف مواجهات سياسية بل ومسلحة بعد الاستقلال أبرزها ما جرى في الريف وفي الجنوب الشرقي، وكانت بداية الطلاق بين الدولة وجزء هام من الشعب، لكن الطلاق الحقيقي كان يوم 23 مارس 1965 بعدما قامت السلطات بفتح النار على مواطنين طالبوا بتحسين أوضاعهم المعيشية ورفضوا قرارات التعليم التعسفية التي سنت على طرد كل شاب مغربي يبلغ من العمر 17 سنة من التعليم الثانوي. وقتها تبين إفلاس الدولة المغربية، بلد حديث الاستقلال، محتاج الى الأطر وسلطاته تطرد الطلبة من المدارس. منذ ذلك الوقت فقد المغرب بوصلة التنمية التي أوصلته الآن الى المستنقع.

وكانت انتفاضة الدار البيضاء أول احتجاج شعبي عفوي أكثر منه مؤطر من طرف هيئات سياسة، كان احتجاجا يعمل مطالب الحق في العيش الكريم، فقد كانت صدمة المغاربة كبيرة بعدما تبين لهم تدهور الحياة المعيشية وتبخر أحلام الاستقلال. وفي الوقت نفسه كانت الصدمة أكبر وبمقاييس تاريخية عندما رأوا كيف فتحت الدولة عليهم النار،  وكان الاعتقاد السائد هو أن إطلاق النار كان يحدث فقط إبان حقبة الاستعمار.

مازالت الدولة تتستر على عدد القتلى، وهناك مصادر كانت في الأمن وقتها تؤكد استحالة معرفة عدد القتلى بسبب التسيب في استعمال العنف ومحاولة بعض المتورطين التستر على الجثث وتسجيل قتلى آخرين بأنهم ضحايا حوادث السير.

وتعد انتفاضة 23 مارس منعطفا في التاريخ المغربي بعد الاستقلال، في أعقاب تلك الحقبة بدأت الدولة في الرهان على العنف الوحشي لقمع الاحتجاجات السياسية والاجتماعية، كما بدأت تعيد تشكيل الخريطة السياسية من خلال الاعتماد على الولاءات وشراء الذمم وجعل الفساد ركيزة من ركائز الحكم، وهي الظاهرة المستمرة حتى يومنا هذا. وهذا ما يفسره المفكر السياسي الراحل عبد اللطيف حسني في شريط الفيديو اسفله.

لا يمكن تفسير المواجهة بين القصر وجزء من المؤسسة العسكرية الرافضة للفساد ورهانها على الانقلابات التي فشلت سنتي 1971 و1972 بدون ما ترتب عن انتفاضة 1965. كما لا يمكن فهم القطيعة بين اليسار والمؤسسة الملكية بدون انتفاضة 1965، حيث ظهرت حركات سياسية مثل منظمة 23 مارس والى الأمام ولنخدم الشعب سعت الى القضاء على الملكية تحت مبرر احتضانها للفساد وخدمة الإمبرالية. كما لا يمكن فهم القطيعة الجزئية بين القصر والحركة الوطنية دون العودة الى 1965.

لقد وقعت انتفاضات بشكل دوري في المغرب مثل 1979 في الدار البيضاء و1981 في المدينة نفسها وفي مدن شمال البلاد مثل مراكش والناضور والحسيمة سنة 1984ثم في فاس سنة 1990 وانتفاضات أخرى وصولا الى 20 فبراير والحراك الشعبي في الريف وجرادة.  ومازال الطريق نحو وطن الكرامة والشرف طويلا، طالما مازالت الأحكام تصدر على شباب بعشرين سنة لمطالبتهم بمستشفى وجامعة والحق في الشغل، وفي المقابل، يجري تكريم “خدام الدولة” بمنحهم أراض شبه مجانية كما كان يجري إبان الاستعمار.

https://www.youtube.com/watch?v=kgdxLhF-alk

 

Sign In

Reset Your Password