افتتاحية: القضاء ملزم بالإستماع لابن كيران حول إيحائه باغتيال عبد الله بها

رئيس الحكومة السابق بان يكران في البرلمان

في تصريح لا يمكن وصفه سوى بالخطير، شكك رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران في مقتل نائبه عبد الله باها منذ أربع سنوات، وليست هذه المرة الأولى التي يشكك فيها ابن كيران في قضية تشغل بال الرأي العام بل شكك في التفجيرات الإرهابية 16 مايو. ومعه يطرح تساؤل عريض: هل ستفتح النيابة العامة تحقيقا في هذا الشأن؟

في هذا الصدد، استضاف ابن كيران مجموعة من الصحفيين في بيته في العاصمة الرباط للحديث عن قضايا يهتم بها الرأي العام وأخرى هامشية، ومن أبرز الملفات التي تطرق لها هو موت عبد الله باها، حيث رفع، وفق ما نشتره الصحافة المغربية مثل هسبريس واليوم 24، من مستوى الظروف الغامضة التي توفي فيها الى مستوى ما يفترضه أنه “الاغتيال”. ويقول ابن كيران أن لديه شكوك حول وفاة عبد الله بها في حادثة وادي الشراط وسيحملها معه الى مثواه الأخير. واستعمال المثوى الأخير يؤكد خطورة السر الذي يحمله ابن كيران في صدره حول هذا الحادث أو الجريمة المفترضة.

ابن كيران كان يعتبر حتى الأمس القريب المسؤول الثاني في هرم الدولة (على الأقل نظريا)، ويفترض أنه لا يمكنه إصدار تصريح خطير من هذا النوع عن طريق الطيش السياسي والمزايدة ضد من يعتبرهم “التماسيح”. ولا تعتبر هذه هي المرة الأولى التي تصدر عنه تصريحات خطيرة للغاية، فقد اتهم من يعتبرهم بالدولة العميقة في البلاد (إذا كانت هناك دولة عميقة بمفهومها العلمي وليس شيء آخر) بالوقوف وراء التفجيرات الإرهابية ل 16 مايو 2013 التي أودت الى مقتل العشرات.

لقد قام القضاء المغربي بفتح تحقيق في ملفات هامشية بل سوريالية مثل قضية الحادث الغريب الذي يحاكم به الصحفي حميد المهداوي، ويتجلى في مكالمة حول إدخال الدبابات الروسية الى حراك الريف، وها هو الآن يوجد أمام تصريحات تشكك في قضية اغتيال سياسي كان الشخصية الثانية في حكومة ابن كيران.

هذه التصريحات لا تعتبر عادية بل يتشبث بها ابن كيران، وهذه المرة الثانية التي يلقي بها في الساحة السياسية دون رد فعل من المؤسسة القضائية التي اعتادت إصدار بيانات حول قضايا هامشية للغاية، والآن تصمت. ونظريا، تصريحات مثل هذه تحيل على معطى يجب التحقق منه وهو: هل بالفعل جرى اغتيال عبد الله بها؟ وهل من قام بذلك في حالة صحة تصريحات ابن كيران: أطراف داخلية ترغب في خلق التوتر أو جهات خارجية تريد خلق الفوضى؟ من يدري، فتح تحقيق بسيط ومن ضمن تتبع هاتف باها خلال 24 ساعة الأخيرة من حياته والكشف عن أماكن التي مرت منها سيارته عبر مضمون كاميرات المراقبة في مختلف الأحياء والمؤسسات التي مر بها علاوة على جهاز جي بي إس في سيارات الدولة، قد يكون كافيا لإخراس ابن كيران أو إعطاءه الحق.

صمت القضاء لا ينفع أمام هذه التصريحات، الاستماع لمن كان المسؤول الثاني في البلاد بعد الملك محمد السادس واجب حتى يتبين هل الرجل على حق، أم تأتي تصريحاته ضد الدفاع عن حزبه لمواهة ما يفترض حملة سياسية وإعلامية يتعرض لها أعضاء معيين، أم فقد البوصلة العقلية لأنها المرة الثانية التي يدلي بها بتصريحات خطيرة ومنها في الماضي بشأن توجيه الاتهام الى جهات في الدولة وراء تفجيرات 16 مايو.

في غضون، سكوت القضاء يعني أنه لا يقوم بواجبه المنوط بها دستوريا، وقد قدم مؤشرات على ذلك بسبب المحاكمات الانتقائية عبر تسريع ملفات والتماطل في أخرى مثل قضية التعليم التي ترهن مستقبل البلاد.

والصمت يعني ترك أي شخص سواء كان سياسيا أو باحثا في العلوم السياسية أو مجرد مواطن عادي الحق في تبني فرضية اغتيال عبد الله،  ويحيل في تبريره كمرجع على من شارك في تسيير حكومة البلاد لمدة خمس سنوات، رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران.

Sign In

Reset Your Password