تعمل الدول على صيانة أمنها القومي وصورتها أمام المنتظم الدولي وأمام الرأي العام الداخلي لتكون مصدر ثقة واحترام والواعية بالمسؤوليات المنوطة بها، وتعمل على تقديم أجوبة شافية حول الملفات التي تشغل الرأي العام وتعد عنصرا من عناصر الأمن القومي للوطن. وتوجد ملفات عالقة في المغرب لم تعرف بعد توضيحات سواء عبر القضاء أو لجن، وهي قضية السفير/القنصل المغربي المعتمد سابقا في الولايات المتحدة ثم قضية كولمان وملف خدام أراضي الدولة.
ويلاحق القضاء الأمريكي القنصل والسفير السابق في الولايات المتحدة جعادي الذي تبين أنه استغل مكانته للاتجار في البشر عبر عقود عمل غير قانونية واستعباد مواطنين مغاربة وفلبينيين. وتوجد زوجته السابقة في السجن، بينما شفعت له حصانته الدبلوماسية للفرار من القضاء المغربي. ورغم هذه الفضيحة، لم تفتح الدبلوماسية المغربية أي تحقيق لتنوير الرأي العام. في الوقت ذاته، يبدو أن القضاء المغربي لا تهمه صورة المغرب لاسيما وأن القانون يعاقب على مثل هذه الأفعال، وتنتج الدولة المغربية خطابات متناسلة حول صورة الدولة في الخارج. في الوقت ذاته، لم يتم تقديم أجوبة شافية لماذا بقي هذا الشخص معتمدا في الولايات المتحدة منذ نهاية الستينات كأقدم دبلوماسي في العالم في هذا البلد.
وفي ملف ثان يعد شائكا للغاية، فقد تعرض الأمن القومي الرقمي للمغرب لاختراق خطير من خلال القرصان كولمان الذي نشر وثائق سرية للاستخبارات والدبلوماسية المغربية، جعلت الاستخبارات تفقد جزء من شبكة المتعاملين معها وجعل جزء من مخططات الدبلوماسية معروفة. واعترفت الدولة بخطورة هذه الأعمال، وجرى الحديث عن فتح تحقيق في الموضوع. ولكن حتى الآن لم تظهر نتائج التحقيق القضائي ولا تشكلت أي لجنة برلمانية. والتساؤل: ما هي نتائج التحقيق في هذا الملف؟ وهل يتعلق الأمر بقراصنة أم من دولة أرادت الانتقام من المغرب نتيجة قرارات ما؟
ويبقى ملف العار معلقا في جبين الدولة المغربية وهو ملف خدام أراضي الدولة. لقد قام موظفون وسياسيون بتنظيم عصابة إجرامية بكل ما تحمله الكلمة من معنى بالسطو على أراضي الشعب المغربي وتفويتها الى بعضهم البعض في ممارسات إجرامية تفوق ممارسات الاستعمار الفرنسي والإسباني لأنها تصدر عن مسؤولين مغاربة أدوا القسم لحماية الوطن. الأمر يتعلق بأراضي في ضواحي العاصمة الرباط، التي يبلغ ثمنها قرابة 15 ألف درهم للمتر المربع، وبيعت ب30 مرة أقل من ثمنها الحقيقي، وتمت عملية البيع في صمت مطلق كما يفعل اللصوص. حدث هذا بدون احترام أرواح المغاربة الذين سقطوا دفاعا عن الأرض في مواجهة الاستعمار ثم في مواجهة جبهة البوليساريو في الصحراء. ملف خدام أراضي الدولة ملف يتطلب التحرير مثل الأراضي الأخرى الباقية كسبتة ومليلية.
الدول التي تصون أمنها القومي تقدم تفسيرات للرأي العام وقضائها يصون ممتلكات الوطن ولا يتركها عرضة لعصابات منظمة داخل الدولة. لماذا تصمت الدولة المغربية على هذه الملفات؟ الصمت ليس حكمة بل تواطئ وغياب المسؤولية.