اقترحت الدولة المغربية عبر وزير الخارجية ناصر بوريطة بداية الأسبوع الجاري تشكيل فريق عربي مصغر لمعالجة الملف الليبي من خلال التحاور مع جميع الفرقاء وتحديث اتفاق الصخيرات، وتشير كل المعطيات الى عدم نجاح المقترح المغربي لأسباب موضوعية نتيجة التطورات التي يعرفها هذا الملف.
وجاء المقترح المغربي في إطار الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الجامعة العربية. ويعد المغرب من المبادرين الى حل النزاع الليبي بعدما احتضنت قمة الصخيرات منذ سنوات والتي أضفت الشرعية الأممية على حكومة فايز سراج مقابل جناح خليفة حفتر، ودفاع عن هذه القمة الى مستوى المواجهة الدبلوماسية مع بعض الدول مثل الإمارات العربية المتحدة والعربية السعودية. وقعت تطورات كثيرة، وعاد المغرب الى تقديم مقترح يقوم على ضرورة تشكيل لجنة عربية مصغرة تقدم تصورات حلول للفرقاء الليبيين الذين يتواجهون فيما بينهم. ولا يمكن نجاح المقترح المغربي لمعطيات واقعية جيوسياسية سجلها الملف منذ نهاية السنة الماضية وهي:
في المقام الأول، يستمر اتفاق الصخيرات قائما لأن حكومة الوفاق تستند إليه لتأكيد شرعيتها ، لكن المنتظم الدولي يعول كثيرا على توصيات برلين، وجرى تهميش المغرب وعدم استدعاءه الى هذا المؤتمر.
في المقام الثاني، لم يعد للدول العربية مجالا للعب أي دور في الملف الليبي بعدما قرر الليبيون أنفسهم الاعتماد على قوى خارجية وعدم الإيمان بدور الجامعة العربية، ويرون في الجامعة أداة للدول المحافظة الرجعية في تأييد الثورة المضادة والانحياز الى محور الدكتاتوريات العربية كما يجري في حالة حرب اليمن.
في المقام الثالث، يخضع حل الملف الليبي الى ميزان القوى التي يسجلها في الوقت الراهن، فمن جهة هناك المحور الروسي الذي يقود في صمت دول مصر والإمارات والسعودية والى جانبه كذلك فرنسا، وقد فقد الكثير نتيجة الهزائم التي تعرضت لها قوات خليفة حفتر، وفي المقابل محور حكومة الوفاق التي تحظى بدعم تركي غير محدود يتجلى في إنزال عسكري تركي المقاتلين من سوريا لتغيير ميزان القوة العسكرية.
لقد أصبح حسم الملف الليبي بين دولتين، وهما تركيا ورسيا وأساسا عبر القوة العسكرية في الميدان، وجرىت إزاحة الاتحاد الأوروبي بل وقمة برلين والجامعة العربية، ولهذا لا يمكن نجاح المقترح المغرب في ظل هذه التطورات أن يلقى نجاحا.