ستبدأ فعاليات المعرض الدولي للكتاب في الدار البيضاء، حيث سيكون عشاق المعرفة والأدب والباحثين مع موعد للتعرف على الجديد في المجال الثقافي. واختارت وزارة الثقافة المغربية ضيف شرف اسبانيا، ونتساءل: هل تستحق اسبانيا أن تكون ضيف شرف في وقت تراجعت فيه اللغة الإسبانية في المغرب؟
ومواكبة لهذا النشاط الثقافي ينظم معهد سيرفانتيس ندوة حول مستقبل الإسبانية والدراسات الإسبانية في المغرب بمشاركة باحثين من المغرب مثل المبدع والأستاذ عبد الرحمان فتحي ومدير هذا المعهد وهو الشاعر لويس غارسيا مونتيرو.
وكانت اسبانيا ضيف شرف منذ أكثر من عقد من الزمن على معرض الكتاب في الدار البيضاء، ويفترض أن عودتها ستكون تتويجا لنجاح كبير لكن الواقع عكس هذا نهائيا. معطيات اللغة الإسبانية والتعاون الثقافي في تراجع ملفت للنظر، ولا يمكن الاعتماد على التصريحات البروتوكولية التي تصل الى مستوى النفاق والتملق سواء من طرف مسؤولين مغاربة أو اسبان للتغطية على التعاون الثقافي.
وكان أحد الباحثين المرموقين في الثقافة الإسبانية وهو مزوار الإدريسي قد كشف عن تراجع الإسبانية في مؤسسات الثانوي والجامعات المغربية بل اندثار الشعب الإسبانية مثل حالة جامعة محمد الخامس وأصبح الأساتذة في شبه بطالة. والجواب بسيط لتفسير هذه الملاحظة وهو غياب الأفق للذين يراهنون على الإسبانية بسبب تراجع اللغة وطنيا وبسبب سياسة التشدد التي تنهجها القنصليات الإسبانية حيث لا يمكن للطالب متابعة دراسته في الجامعات الإسبانية سوى عبر المعجزات.
لا يمكن إيجاد تفسير لتشدد اسبانيا بشأن منح تأشيرات الدراسة للمغاربة، ولكن تحضر بعض التأويلات، إما أن هذه الدولة لا ترغب في المساهمة في تكوين الأطر المغربية، أو الغباء يسيطر على من يتخذ القرار، إذ كيف يعقل أن قرابة مائة ألف مغربي يصلون سنويا الى اسبانيا بطريقة غير قانونية وترفض منح بضع مئات التأشيرات للراغبين في الدراسة في الجامعات الإسبانية. إنه عار لدولة مثل اسبانيا جارة المغرب، وقد تجاوزتها أوكرانيا في استقطاب الطلبة المغاربة، ويضطر بعض الطلبة الى الدراسة بطريقة غير قانونية وكأنهم مهاجرين سريين.
في الوقت ذاته، لا يقل وضع المغاربة القاطنين في اسبانيا ثقافيا عن تراجع اللغة الإسبانية. إذ لا تمتلك الدولة الإسبانية أي مخطط للمساهمة في تطوير الإبداع المغربي في اسبانيا. وإذا كانت دول أوروبية ومثل هولندا وبلجيكا وعلى رأسها فرنسا تفتخر خلال مشاركتها في معرض الكتاب ببزوغ جيل من الكتاب المغاربة في فرنسا، لا يحدث هذا بالنسبة لإسبانيا لأنها لا تملك أي سياسة في هذا الشأن اتجاه المهاجرين المغاربة.
ويؤكد أكثر من مغربي في اسبانيا “إذا وصل فوكس الى الحكم سيعيد النظر في الكثير من البرامج تجاه المهاجرين باستثناء الثقافي لأنه لن يبدع في التهميش الثقافي للمهاجرين أكثر من الأحزاب الكلاسيكية الاشتراكي والشعبي المحافظ”. ويضيف آخر ساخرا “فوكس سيطرد المغاربة من عدد من المؤسسات ويترك آخرين للديكور فقط، وعندما سيصل الى البيت العربي في مدريد سيضطر الى التعاقد مع مغربي لإكمال الديكور، حيث لا يوجد أي مغربي في البيت العربي سوى عرب من جنسيات أخرى”.
معطيات التعاون الثقافي والجامعي في الوقت الراهن بين اسبانيا والمغرب بعيدا عن لغة النفاق والتملق، يجعل اسبانيا لا تستحق أن تكون ضيف شرف في معرض الكتاب.