تناولت الصحافة المغربية والدولية هذه الأيام احتمال اقتناء المغرب غواصة روسية من نوع أمور 1650، وهذه الصفقة المفترضة أصبحت مستبعدة في الوقت الراهن في ظل عودة الحرب الباردة الى مضيق جبل طارق واحتمال فقدان المغرب الدعم العسكري الغربي في حالة إتمام الصفقة. وبالتالي، احتمال رهانه على غواصة غربية الصنع.
ويعمل المغرب ومنذ سنة 2002، تاريخ الأزمة مع اسبانيا حول جزيرة ثورة في مضيق جبل طارق التي كادت أن تتسبب في نزاع مسلح بين البلدين، على تعزيز قدراته البحرية، حيث اقتنى فرقاطات وسفن حربية متطورة من دول مثل هولندا وفرنسا، ويخطط منذ سنوات لاستكمال الدائرة الحربية البحرية باقتناء غواصة متطورة. ومن العوامل التي تجعل المغرب يفكر كذلك في اقتناء غواصة منها توفر الجزائر على غواصات، روسية الصنع. ويريد تحقيق نوع من التوازن في سلاح البحرية، علما أن البلدين قد دخلا في سباق تسلح مكثف منذ قرابة عقد من الزمان، حيث تشير التقارير الدولية الى تخصيصهما ميزانيات كبرى للسلاح مقارنة مع إنتاجهما الإجمالي العام.
وكانت جريدة القدس العربي قد تحدثت منذ قرابة سنتين وبالضبط في في عدد 18 ديسمبر 2013 عن احتمال شراء المغرب غواصة روسية من النوع المشار إليه. وكان نائب رئيس شركة روسوبورون اكسبورت فيكتور كوماردين قد أكد وقتها، وفق تلفزيون صوت روسيا، منذ سنتين أن شركته تخطط لعرض الغواصة غير النووية “آمور-1650″ على المغرب في حال أعلنت المملكة المغربية عن مناقصة لاقتناء الغواصة.
وتتناول الصحافة المغربية والدولية هذه الأيام خبر عودة اهتمام المغرب باقتناء غواصة روسية، ويرتفع الحديث والتخمينات في هذا الشأن بسبب الزيارة المرتقبة للملك محمد السادس الى موسكو، وهي زيارة بدون تاريخ، وكانت مبرمجة في مناسبتين وتم إلغاؤها بدون تقديم تفسيرات.
ومن خلال ما حصلت عليه جريدة القدس العربي من معطيات حول موضوع الغواصة من خبراء عسكريين، هناك استبعاد اقتناء المغرب لغواصة من روسيا لأسباب متعددة ذات صلة بالغرب والمنظومة العسكرية المغربية التي تبناها منذ عقود.
ومن أبرز هذه الأسباب، اعتماد المغرب تاريخيا على أسلحة غربية الصنع، وبالتالي لا يمكنه اقتناء أسلحة بحرية متطورة من الغرب مثل الفرقاطات الفرنسية ويقتني غواصة روسية،إذ سيواجه خللا في التنسيق بشأن تكنولوجيا الحرب المنتمية الى مدارس مختلفة. فالأمر يتعلق بقطعة استراتيجية وليس قطع سلاح عادية مثل الدبابات أو طائرة مروحية.
في الوقت ذاته، يستمر المغرب في الاعتماد كليا على السلاح الغربي بل ويشكل جزءا من المنظومة العسكرية الدفاعية الغربية ومنها صفته كشريك للحلف الأطلسي منذ سنة 2004، ويشارك رفقة هذا الحلف في مخططات عسكرية منها مراقبة الملاحة وتأمينها في مضيق جبل طارق. وعليه، ووفق خبير عسكري غربي للقدس العربي “سيكون من الصعب على المغرب المشاركة في مناورات وخطط دفاعية بقطعة سلاح استراتيحية وروسية الصنع مثل الغواصة الروسية، حيث يمكن للجيش الروسي توظيف الغواصة الروسية في ملكية المغرب من خلال التحكم فيها عن بعد للتجسس على أي مناورات يشارك فيها المغرب رفقة الغرب.
في الوقت ذاته، عادت الحرب الباردة الى منطقة مضيق جبل طارق بعدما نشرت الولايات المتحدة الذرع الصاروخي في مياه قادش أقصى جنوب اسبانيا، وترد روسيا بحضور شبه دائم لسفن حربية في المنطقة نفسها. وعليه، فالغرب لن يقبل بوجود قطعة استراتيجية مثل غواصة روسية في ملكية دولة شريكة مثل المغرب.
ويضاف الى هذا رهان كل من المغرب والجزائر على سوقين مختلفتين للسلاح، فالجزائر تراهن على روسيا والمغرب على الغرب، وإذا باعت موسكو غواصة للمغرب، وقتها قد تعيد الجزائر النظر في صفقاتها مع موسكو ومنها الغواصات.
و لا يستبعد الخبراء رهان المغرب في آخر المطاف على غواصة غربية الصنع إذا ما قرر أخيرا اقتناء غواصة لاستكمال دورة التسلح البحري، وذلك تماشيا مع تبنيه ومنذ عقود المخططتان الغربية في التسلح والعقيدة الحربية. ومن الدول التي يجري الحديث عنها لبيع المغرب غواصة حربية، دولة المانيا. وتعتبر الغواصات الألمانية ذات جودة عسكرية كبيرة لكنها مكلفة ماليا.
وتنفتح المانيا على الدول العربية في صفقات الأسلحة ومنها تسهيلات مالية في الآداء بهدف تعزيز نفوذها في منطقة استراتيجية، حيث من المرتقب أن تبيع مصر غواصتين. وكانت هناك مفاوضات مغربية-المانية لم تحقق تقدما، وتبقى الدولة الوحيدة التي قد تعارض اقتناء المغرب لغواصة المانيا متطورة هي اسبانيا التي لا ترى بعين الرضى عملية التسلح التي دخل فيها المغرب بسبب المشكل الترابية العالقة بين البلدين.