تنفست بريطانيا الصعداء ومعها الاتحاد الأوروبي بعدما قرر مواطنو اسكتلندا البقاء ضمن بريطانيا موحدة في استفتاء تقرير المصير الذي جرى يومه الخميس 18 سبتمبر. لكن إجراء الاستفتاء أرسى عرفا جديدا سيشجع باقي القوميات على تقليده. ويوجد الاتحاد الأوروبي أمام امتحان جديد وهو تقرير المصير في كتالونيا يوم 9 نوفمبر المقبل.
وكما كانت تشير الى ذلك مختلف استطلاعات الرأي لم تحدث المفاجأة أخيرا، وتقدم أنصار الوحدة في استفتاء اسكتلندا على المطالبين بالاستقلال ب55% مقابل 44%. وصوت 85% من المواطنين، وهو يوم تاريخي بسبب هذه المشاركة. وعمليا، تبرز النتيجة التقدم الكبير لأنصال الاستقلال الذين كانت استطلاعات الرأي تمنحهم منذ شهر ما بين 32% الى 34%، ولكنهم حققوا تقدما خلال الأسبوعين الأخيرين، مما يؤكد ارتفاع الشعور القومي.
وقبل أنصار الاستقلال وعلى رأسهم أليكس سالموند رئيس حكومة اسكتلندا نتائج استفتاء تقرير المصير. وصرح بعد ظهور النتائج “أخضع لمصالح مواطني اسكتلندا، والاستفتاء يظهر أننا نتقدم كوطن”.
وانتقد خطاب الخوف الذي راهنت عليه الأحزاب الوطنية في لندن لتخويف مواطني اسكتلندا من النتائج المستقبلية خاصة على المستوى الاقتصادي. وقال “الأوضاع تتغير ولن نعود كما كنا في السابق”، وذلك في إشارة الى أن لندن يجب أن تعامل اسكتلندا دولة ووطنا قائما.
وأظهر رئيس حكومة بريطانيا دفيد كاميرون ارتياحا حقيقيا بعد ظهور النتائج فجر اليوم، حيث كان يتخوف على تفتت المملكة المتحدة. وتعهد في المقابل الرفع من صلاحيات الحكم الذاتي لاسكتلندا قريبا لتلبية مطالب أنصار الاستقلال بمزيد من تسير شؤونهم بأنفسهم. كما تعهد بالرفع من صلاحيات الحكم الذاتي في إيرلندا الشمالية لتفادي الانفصال.
وتفيد التحاليل الأولية أن استفتاء تقرير المصير أرسى تقليدا في بريطانيا ستراهن عليه الأحزاب القومية الإسكتلندية وربما بلد الغال (ويلز) مستقبلا للمطالبة بالاستقلال، كما حدث في إقليم كبيك الكندي عندما تم إجراء استفتاءين، الأول سنة 1980 والثاني سنة 1995، ويطالب الكبيكيون، وأغلبهم يتحدث الفرنسية باستفتاء ثالث.
وتجعل نتيجة استفتاء اسكتلندا الاتحاد الأوروبي في وضع مريح نسبيا، حيث يبعد مؤقتا شبح الانفصال الذي كان سيساهم فيه هذا الإستفتاء. ويؤكد خبراء الوضع السياسي في أوروبا أن استفتاء اسكتلندا هو انطلاقة للقوميات.
لكن نتيجة الاستفتاء لم تؤثر حتى الآن على استفتاء يقلق أوروبا وهو استفتاء كتالونيا حيث أصحاب وأنصار الاستقلال يتفوقون في استطلاعات الرأي بشكل كبير، عكس ما شهدته استكتلندا من توفق دائم لأنصار الوحدة.
وسيجري استفتاء تقرير المصير في كتالونيا يوم 9 نوفمبر المقبل. وتصر حكومة الحكم الذاتي في كتالونيا وعاصمتها برشلونة على الاستفتاء، تعلن حكومة مدريد المركزية برئاسة ماريانو راخوي معارضة إجراء الاستفتاء.