تناولت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية ارتفاع ثقافة الاحتجاج في المغرب، ويأتي مقال هذه المجلة في اليوم نفسه الذي عالجت فيه نيويورك تايمز (أمس) تدهور أوضاع الحريات العامة في البلاد. وبدأ المغرب يحضر بشكل غير مسبوق في الصحافة الأنجلوسكسونية بعد غياب طويل مما قد ينعكس سلبا على بعض قضاياه في الساحة السياسية الأمريكية ومنها الصحراء.
وتعتبر ذي إيكونوميست أرقى مجلة في العالم بل ويصنفها بعض الخبراء أحسن وسيلة إعلام في العالم بسبب نوعية الصحافة الراقية التي تمارسها وهي تعتمد التحليل والتأويل والملفات ذات الطابع الاستراتيجي. وتطرقت هذا الأسبوع الى المغرب، حيث نشرت مقالا في موقعها الرقمي بعنوان “ثقافة الاحتجاج في المغرب في ارتفاع، الناس لم تعد تخاف من الكلام”.
والمقال يقدم صورة عن ارتفاع الاحتجاج في المغرب للمطالبة بالحقوق ومجال أوسع لحرية التعبير، ويستشهد بأمثلة من الواقع الاجتماعي والسياسي المغربي. وترى المجلة أن المغرب استطاع النجاة من مصير الدول الأخرى في الربيع العربي بفضل دستور جديد، ولكنها تنبه الى التراجع المهول في الحريات خلال الشهور الأخيرة من خلال تقديم أمثلة مثل حالة علي أنوزلا وحالة معتقلي 6 أبريل وارتفاع تظاهرات الاحتجاج عموما ضد خروقات السلطة.
ومقال ذي إيكونوميست ينضاف الى مقالات أخرى ظهرت في كبريات الصحف الأنجلوسكسونية خلال المدة الأخيرة ومنها الأكثر تأثيرا في العالم مثل ذي غارديان والواشنطن بوست ونيويورك تايمز.
وعمليا، يحضر المغرب بشكل ملفت في الصحافة الفرنسية والإسبانية بسبب القرب الجغرافي وبسبب العلاقات الاقتصادية والسياسية المكثفة. وكان المغرب ناذر الحضور في الصحافة الأمريكية وكبريات وسائل الاعلام البريطانية، حيث كانت تكتفي بقصاصات وكالات دولية مثل يونايتد برس أنترناشنال ورويترز.
لكنه خلال الشهور الأخيرة ارتفع اهتمام الصحافة الأنجلوسكسونية بالمغرب، ويتعلق الأمر بكتابات موقعة من صحفيين ينتمون الى هذه الجرائد وليس فقط مقالات الوكالات. ويعتبر المنعطف في هذا الاهتمام الإعلامي في الافتتاحية الشهيرة التي كانت قد خصصتها جريدة الواشنطن بوست لملف علي أنوزلا يوم 2 أكتوبر الماضي في أعقاب اعتقاله خلال منتصف سبتمبر الماضي، وتلتها مقالات أخرى في هذه الجريدة وخاصة افتتاحية 9 مايو الماضي التي تعتبر الأعنف في تاريخ الافتتاحيات الأمريكية في معالجتها للمغرب. ومن خلال رصد وتحليل المقالات التي تركز عليها الصحافة الأنجلوسكسونية بما فيها مقالات الوكالات، يحضر المغرب في:
-موضوع نزاع الصحراء، وتكون المقالات متعاطفة مع جبهة البوليساريو، كما حدث في برنامج شهير في سي إن إن منذ شهور حول هذا النزاع أو بعض مقالات ذي نايشن ونيويورك تايمز.
-موضوع التضييق على الحريات، وتتناول هذه الصحافة تراجع الحريات في المغرب بعد تعديل الدستور المغربي، كما جاء في مقال نيويورك تايمز منذ يومين.
-إسقاط الاستثناء عن المغرب في الربيع العربي، حيث بدأت الكثير من الكتابات تؤكد أن المغرب لم يعد استثناءا بسبب تراجع الحريات.
وبدأت الصحافة الأنجلوسكسونية تنفتح أكثر على قضايا المغرب، ويساهم صحفيون وحقوقيون مغاربة في هذا الاهتمام بحكم انفتاحهم على العالم الأنجلوسكسوني. وهذا الاهتمام يؤكد أن المغرب بدأ تدريجيا يدخل في أجندة هذه الجرائد وإن كان بشكل ثانوي الآن بعدما كان هامشيا للغاية في الماضي.
ومن نتائج هذا الحضور الإعلامي للمغرب في كبريات وسائل الاعلام هو انعكاسه على الصورة السياسية للمغرب سلبا. ومنذ بدء الاهتمام، بدأت مجموعات في الكونغرس الأمريكي تتخذ مبادرات ضد المغرب سواء في المجال الحقوقي أو في نزاع الصحراء.