حولت عدد من الأحداث المتعلقة بالهجرة إيطاليا هذه السنة إلى نقطة سوداء في مسارات الهجرة السرية الإفريقية من جنوب الصحراء وحتى من شمال إفريقيا نحو اوروبا، وباتت تنعت “بالجحيم” ،وبموطن “معسكرات احتجاز”. وكانت شهدت سواحل هذا البلد الاوربي اكبر ماساة غرق للمهاجرين خلال اكتوبر الماضي، وظهرت اشرطة فيديو تبرز سوء معاملة من قبل عمال إيطاليين باحد مراكز الاعتقال لمهاجرين محتجزين، إظافة إلى حالة غليان شهدتها مراكز اعتقال المهاجرين الاسبوع الجاري اضطر معها عدد من المغاربة والتونسيين في وضع من دون وثائق إلى خياطة افواههم احتجاجا على شروط الاعتقال و طول الحجز غير القانوني.
مغاربة يخيطيون أفواههم ضد سوء المعاملة
واشارت وسائل الإعلام الإيطالية إلى حالة غليان واحتجاجات تشهدها عدد من مراكز اعتقال مهاجرين من دون وثائق في هذا البلد الاوروبي بسبب طول مدة الاعتقال والإساءة ، وابرزت أن ما يقارب 15 مهاجرا مغاربة و تونسيين معتقلين في احد المراكز الإيطالية قد اقدموا على خياطة افواههم احتجاجا على طول الاحتجاز وسوء المعاملة و تجاهل واضاعهم.
ونقلت صحف إيطالية عن حقوقي إيطالي و ناشط في مجال الهجرة ان مدة احتجاز هؤلاء المهاجرين تجاوزت المدة القانونية الممثلة في شهرين، حيث يلزم على السلطات الإيطالية ان تحررهم بعد تجاوز هذه المدة ومنحهم وثيقة عليها إشعار مغادرة إيطاليا. ويضيف ذات الناشط ان مدة احتجاز هؤلاء المغاربة والتونسيين ومن جنسيات اخرى بلغت خمسة شهور دون ان تلجأ السلطات إلى تسريحهم رغم تجاوزهم المدة القانونية، وهو ما جعل هذه المراكز تشهد حالات من الغليان والاحتجاجات، وكان من اكثر مظاهر الاحتجاج، خياطة المهاجرين لافواهمم تنديدا بوضعهم وبتجاهل السلطات الإيطالية لمطالبهم .
ووضعت هذه الاحتجاجات بهذه الطريقة المؤلمة إيطاليا من جديد أمام الرأي العام الدولي، ورسخت وضعها هذا العام بلدا بعلامة سوداء بخصوص ملف الهجرة من دون وثائق إلى إيطاليا.
جعجعة سياسية من دون طحين
ووجهت بعض من مكونات الطبقة السياسية في إيطاليا انتقادات إلى حكومة روما، وقام رئيس الحزب الديمقراطي الإيطالي جياني كوبيرلو بحث الوزير الأول الإيطالي إنريكو ليتا وهو من حزبه على فعل شيئ لوقف هذه الخروقات وقال مخاطبا إياه، كما ذكرت صحف محلية، :” يجب اتخاذ إجراءات سريعة ضد هذا العار الذي يسيئ إلى بلادنا”.
ومن جهتها كانت أعربت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية سيسيليا مالمستروم عن “قلق بالغ” إثر مشاهتها اللقطات التي صُورت في مركز استقبال المهاجرين في لامبيدوسا الصقلية.
وأضافت في بيان صدر حول هذا الأمر أن المفوضية الأوروبية تجري تحقيقات حول ما يحدث في مراكز استقبال وإيواء المهاجرين في إيطاليا، وأنها لا تستبعد فرض عقوبات بسبب انتهاكات محتملة.
وخاطبت المسؤولة الاوروبية في ذات السياق روما مبرزة سعي الاتحاد الاوروبي إلى استغلال كل ما هو متاح من وسائل لفرض احترام القواعد الأوروبية، بما في ذلك إعلان “ارتكاب مخالفات “كما هددت المفوضية الأوروبية بتقليص المساعدات الأوروبية المخصصة لإيطاليا لمواجهة قضية الهجرة غير الشرعية.
عمل عنصري
وقبل حدوث حادث الغليان ببعض المراكز الإيطالية واحتجاج مغاربة وتونسين بخياطة افواههم، كانت عاشت إيطاليا حدثا مسيئا لسمعتها الحقوقية بخصوص المهاجرين.
وأظهرت صور فيديو التقطت بهاتف سرا ، مهاجرين معتقلين وهم يجبرون على التعري أمام آخرين بينما كان أحد العمال يأمرهم بالركوع. ويقول الرجل الذي صور هذه المشاهد، وهو لاجئ سوري يدعى هشام، إن المهاجرين تتم معاملتهم مثل “الحيوانات”. وقال التلفزيون الإيطالي نقلا عن مصدر شاهد على الاحداث :” إن هؤلاء المهاجرين أجبروا، واحدا تلو الآخر، على خلع الملابس حتى التعري في أجواء الشتاء والبرد”.
واثار ت هذه الوقائع استاء كبيرا في إيطاليا وقال في هذا السياق عمدة لامبيدوسا :” إن الفيديو جعل المركز يبدو شبيها بمعسكر اعتقال” واضافمبديا اسفه:” إن إيطاليا كلها يجب علهيا ان تشعر بالحزي”.
من جهتها علقت رئيسة البرلمان الإيطالي لورا بولدريني، على الحادث قائلة:” إن المعاملة التي يتلقاها المهاجرون ” لا تليق بدولة متحضرة”.
لامبيدوسا : الجحيم .
وعاشت إيطاليا هذا العام أسوء كارثة إنسانية في تاريخ الهجرة السرية عبر القوارب ، حيث لأول مرة منذ بداية هذه الظاهرة إلى السواحل الاوروبية في الثماننيات يموت غرقا في حادثة واحدة أزيد من 300 مهاجر. وكانت هذه الظاهرة بدأت في مضيق جبل طارق ثم في سواحل إفريقيا الغربية نحو جزر الكناري الإسبانية ثم انتقلت الى سواحل إيطاليا، لكن لاول مرة يكون عدد الغرقى بهذا الحجم الإنساني المثير.
وعرفت لامبدوسا مأساة متكررة حيث قضى غرقا في الثالث من اكتوبر 2013 ازيد من 300 مهاجر من دون وثائق معظمهم من إيريتيريا ، ثم أسبوع واحد فقط بعد ذلك تحدث ماساة أخرى حيث يقضي غرقا في قارب جديد ما يقارب مائة مهاجر سري من جنوب الصحراء كانوا قاصدين السواحل الإيطالية وقضوا غرقا بالقرب من جزيرة لامبيدوسا .
وكانت ماساة غرق المهاجرين بهذه الجزيرة الصقلية التي أصبحت جزيرة معروفة عالميا بسبب ماساة الحادث، دفعت عمدة هذه الجزيرة الإيطالية إلى القول وهي ترى الجثث والضحايا:” ثمة رعب حقيقي نعيشه، الجثث في كل مكان، لم يعد هناك مكان لاستقبال الأحياء فبالأحرى الموتى، على وسائل الاعلام القدوم الى هنا لرؤية ما يجري، على الإنسانية أن ترفض مثل هذا “. وأظهر التلفزيون الإيطالي أشخاصا يشاركون في عمليات الإنقاذ وهم يبكون بهيستيريا لأنهم لم يلفوا مشاهدة هذا العدد الضخم من الجثث.
لقد حولت هذه الأحداث كلها: غرق المهاحرين بعدد غير مسبوق، وفيديو مصور سرا يظهر سوء معاملة المهاجرين وعلى نحو عنصري ، وخياطة مهاجرين من دون وثائق معتقلين بمراكز اعتقال الاجانب لافواههم احتجاحا على طول الاحتجاز، جعل إيطاليا تتحول هذا العام إلى نقطة سوداء في خريطة الهجرة من جنوب المتوسط إلى شماله، وعام حزن للمهاجرين وذوييهم خصوصا الذين قاضوا غرقا او الذين أسيئت معاملتهم بمراكز الاعتقال