سجلت إيطاليا منذ بداية السنة وحتى الأحد الماضي أكثر من خمسين ألف مهاجر سري وصلوا بحرا الى شواطئها، وهي أعلى نسبة من الهجرة السرية في تاريخ أوروبا في ظرف زمني محدود متجاوزة بذلك الأرقام التي كانت مسجلة في مضيق جبل طارق. وهذا الرقم مرشح للإرتفاع بسبب ارتفاع النزاعات مثل سوريا وجنوب السودان وإرتيريا. وتجري هذه التطورات في وقت يعيش فيه الاتحاد الأوروبي جمودا بسبب التغيرات المرتقبة بعد الانتخابات الخاصة بالبرلمان الأوروبي مما يجعله عاجزا عن تقديم الدعم الى إيطاليا.
وتؤكد حكومة روما أمس الاثنين تسجيل أكثر من 50 ألف مهاجر سري منذ فاتح يناير الى أول أمس الأحد، وهو رقم مرتفع للغاية، وقد ينتهي الأمر الى أكثر من مائة ألف مهاجر في نهاية السنة إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن. وتؤكد حكومة روما الارتفاع الكبير لقوارب الهجرة منذ تحسن أحوال البحر وقد يتفاقم الأمر مع حلول الصيف، حيث تساهم سفن حربية إيطالية وأمريكية في عمليات إنقاذ قوارب الهجرة التي تأتي محملة بالمهاجرين (انظر للصورة حيث سفين عسكرية محملة بالمهاجرين تعود الى أمس الاثنين). وأنقذت ما بين الخميس الماضي الى أمس الاثنين أكثر من أربعة آلاف مهاجر سري.
وتجد إيطاليا نفسها وحيدة في مواجهة ظاهرة قوارب الهجرة، إذ لم تتوصل بمساعدات لوجيستية حقيقية من الاتحاد الأوروبي رغم وجود سياسة لمواجهة الهجرة ووجود برامج أمنية بحرية تشارك فيها عدد من دول الاتحاد.
ومن ضمن العوامل التي تجعل إيطاليا وحيدة هو حالة الجمود التي يشهدها الاتحاد الأوروبي والمؤسسات المسيرة له في أعقاب الانتخابات الخاصة بالبرلمان التي جرت يوم 25 مايو الماضي، إذ ينتظر الجميع مفوضية جديدة وهيئات جديدة تشرف على ملف الهجرة ضمن ملفات أخرى موجودة في أجندة الاتحاد ولا يمكن البث فيها بسبب مرحلة الانتقال هذه.
وكان أرقام الهجرة السرية المرتفعة مسجلة في شواطئ شمال المغرب نحو الأندلس ومنطقة شواطئ إفريقيا بما فيها موريتانيا نحو جزر الكناري الإسبانية في الأطلسي، حيث كانت تصل الى 33 ألف ما بين سنتين 2003 الى 2005، لكن هذه الأرقام المرتفعة بقيت منخفضة أمام الارتفاع المهول لما يجري من شواطئ ليبيا نحو إيطاليا.
وتفيد كل معطيات الواقع بارتفاع مهول مرتقب للهجرة بسبب قرب شواطئ ليبيا وكذلك شواطئ مصر التي تنطلق منها بعض القوارب نحو شواطئ مالطا وإيطاليا واليونان. ويأتي المهاجرون من مناطق النزاع مثل جنوب السودان وسوريا وإريتيريا علاوة على المهاجرين الذين كانوا يقيمون في ليبيا والآن يرغبون في هجرتها بسبب الأوضاع الأمنية.
ولوحظ ارتفاع نسبة السوريين مؤخرا الذين يهاجرون عبر ليبيا الى شواطئ ليبيا، ومرد ذلك الى قرار الاتحاد الأوروبي عدم منح اللجوء السياسي والإنساني للسوريين رغم وجود اتفاقية مسبقة بين الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في هذا الشأن.