تحول الملف الأوكراني الى أزمة عالمية تعكس صراع القوى على شاكلة الحرب الباردة بعدما دخلت القوات الروسية الى جمهورية القرم شرق أوكرانيا وصوت برلمان موسكو على التدخل العسكري في مجموع هذا البلد الأوروبي. وتجد الدول الغربية التي أيدت الثورة في أوكرانيا نفسها في موقف حرج وتتردد في اتخاذ اي خطوة، واتصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما بنظيره الروسي فلادمير بوتين محذّرا غياه من تفاقم الوضع.
وبعد نجاح الثورة في أوكرانيا ضد الرئيس فيكتور ياكونوفيتش الأسبوع الماضي، ساد الاعتقاد عالميا بخسارة روسيا نفوذها في هذا البلد الذي يجاورها حدوديا، لكن كانت المفاجأة أكبر برد فعل من الرئيس فلادمير بوتين بشكل لم تتكهن به مختلف الاستخبارات الغربية ومراكز الدراسات الاستراتيجية.
فقد نشرت روسيا قواتها أمس في جمهورية القرم بطلب من رئيس حكومة الحكم الذاتي في هذا الاقليم، ومنحت الرئيس المعزول ياكونوفيتش الأمن وتستمر في اعتباره الرئيس الشرعي للبلاد، وصادق البرلمان الروسي اليوم على التدخل الروسي في مجموع أوكرانيا. وفي إجراء آخر، نقلت وكالة نوفوستي أن موسكو تعتبر كل لجوء من الرئيس الذي انتخبه البرلمان الأوكراني ألكسندر تورتشينوف مجرم حرب في حالة استعماله القوة في جنوب شرق أوكرانيا.
ويوجد الغرب في موقف حرج للغاية أمام هذه التطورات المتسارعة التي لم يكن ينتظرها، فقد أعلن البيت الأبيض أن واشنطن تدرس في الوقت الحالي المسؤولية المحتملة لروسيا عن امكانية استعمال قواتها المسلحة على الأراضي الاوكرانية. وأضاف البيت الابيض في بيان صدر يوم 1 مارس/آذار “نحن نراقب بانتباه الوضع ونتشاور مع شركائنا وندرس المسؤولية المحتملة لروسيا، التي تحدث عنها الرئيس (اوباما) أمس.
وأجرى أوباما اتصلا هاتفيا مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين محذّرا إياه من مغبة الإجراءات التي يقدم عليها، وطالبه بالإنسحاب الفوري من أوكرانيا وإلا سيواجه عقوبات اقتصادية وعزلة سياسية.
وتعيش الطبقة السياسية في كييف جدلا سياسيا قويا لم تشهده من قبل، حيث بدأت بعض الأصوات تحمّل المتطرفين الذين أطاحوا بياكونوفيتش استفزاز روسيا، مما يجعل البلاد حاليا مقبلة على انقسام خطير، حيث قد تفقد أوكرانيا أقاليمها الجنوبية والشرقية، لاسيما بعدما قررت جمهورية قرم استفتاء تقرير المصير ابتداء يوم 30 مارس الجاري.
وبدأ يتبين أن الثورة لا تعبر سوى عن أقلية يمينة في العاصمة كييف بينما باقي مدن البلاد تعيش انقساما كبيرا ومنها المدينة الثانية في البلاد كاركيف التي كانت اليوم مسرحا لتظاهرات مؤيدة لروسيا ومعارضة لسلطات كييف الجديدة.