سيزور رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي مدينة مليلية المحتلة يوم الخميس من الأسبوع الجاري، وتأتي هذه الزيارة في وقت يلتزم المغرب صمتا غريبا حيث غابت أي إشارة للمدينتين من الخطاب الملكي والحكومي طيلة الثلاث سنوات الأخيرة.
وتأتي زيارة ماريانو راخوي الى مليلية في أجواء حملة الانتخابات التشريعية التي تشهدها البلاد، ويرحب الحزب الشعبي الحاكم في هذه المدينة بالزيارة ويعتبرها شجاعة، حسب تصريحات رئيس حكومة الحكم الذاتي إمبرودا.
وكان المسؤولون الإسبان يتجنبون زيارة مدينة سبتة ومليلية، ولم يقدم على زيارتها أي مسؤول حتى سنة 2006، عندما حل بها رئيس الحكومة الإشتراكية خوسي رودريغيث سبتيرو وبعدما بسنة، خلال نوفمبر 2007 زارها ملك اسبانيا خوان كارلوس.
وكان المغرب قد تعهد بحملة دولية للتعريف باحتلال المدينتين، وهذا جاء في الخطاب الملكي لمحمد السادس ردا على زيارة خوان كارلوس. لكن ما حدث لاحقا هو تجنب كل من الملك محمد السادس والوزير الأول عباس الفاسي ورئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران لاحقا أي حديث عن هذا الملف في الخطابات السياسية وفي البرلمان وفي العلاقات مع اسبانيا. وبالموازاة مع هذا الصمت، تعرضت الجمعيات في شمال المغرب التي كانت تطالب بخروج اسبانيا الى تضييق ممنهج.
والمفارقة، مقابل سكوت الدولة المغربية يحضر ملف سبتة ومليلية في خطابات أحزاب سياسية مثل اليسار الجمهوري الكتالاني أو حزب بوديموس أو الحزب القومي الباسكي، حيث تتبنى مواقف تتفهم مطالب المغرب أو تطالب مباشرة بإعادتهما للمغرب. ويغيب في خطابات الأحزاب السياسية المغربية بشكل مطلق خلال الثلاث سنوات الأخيرة.
وتاريخيا، كان موضوع سبتة ومليلية يشكل مصدر توتر دائم منذ احتلالهما من طرف اسبانيا (سبتة البرتغال قبل اسبانيا)، والتزم المغرب الرسمي الصمت في ثلاث مراحل، مرحلة حرب تطوان، ثم مرحلة الاستعمار وحاليا في الوقت الراهن.
ويفسر مقربون من الدولة المغربية قرار الرباط الصمت برغبتها الحصول على دعم من مدريد في نزاع الصحراء، وهي استراتيجية معاكسة للتي كان يتبناها الملك الحسن الثاني الذي لم يكن يفرق بين ملف الصحراء وسبتة ومليلية.
وتأتي الزيارة الى مليلية التي تحرج الدولة المغربية رغم الخدمات التي يقدمها المغرب لإسبانيا ومنها التعاون في مجال كافحة الهجرة، والضغط على الجالية المغربية لعدم تأييد انفصال كتالونيا بل وبناء سور ثالث أمام مليلية لمكافحة الهجرة، وهو من المفارقات الكبيرة نظرا لرمزيته السياسية وكأن المغرب يقوم بترسيم الحدود.
ولم يحصل نظام الرباط حتى الآن على أي دعم ملحوظ من طرف اسبانيا في نزاع الصحراء. وتؤكد مدريد أنها تؤيد كل مساعي الأمم المتحدة بما فيها ما تعتبره “تقرير مصير الشعب الصحراوي”، وفق بيانات وزارة الخارجية.
وفي الوقت ذاته، بينما يصمت المغرب في ملف سبتة ومليلية في الوقت الراهن، تعمل مدريد على تحريك ملف تصفية الاستعمار في جبل طارق، كما تعمل الأرجنتين على طرح ملف جزر المالوين.