في الوقت التي تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات كبرى في ملفات شائكة جيوستراتيجيا مثل أوكرانيا والعراق وعودة الحرب الباردة مع روسيا، يعود شبح “العنصرية” الى البيت الأمريكي من خلال أحداث مدينة فيرغورسون في ولاية ميسوري بسبب قتل الشرطة لشاب اسود، وتحولت المدينة الى ساحة للمواجهة بين الحقوقيين وشرطة تنحو نحو العمل العسكري، وخلفت فقط ليلة الاثنين 31 معتقلا.
ولم تعد أخبار القضايا الدولية والكونغرس تتصدر نشرات الأخبار وواجهات الصحف الورقية والرقمية بل أحداث فيرغورسون التي تقلق الرئيس الأمريكي باراك أوباما وتهدد ما تبقى من ولايته الرئاسية.
وكانت الشرطة قد قتلت في ظروف غامضة يوم 9 غشت الجاري شابا أسودا مايكل براون، وتبين لاحقا أن عملية القتل كانت شبه متعمدة لأنه فقط كان يمشي في الطريق وليس على الرصيف.
وانطلقت الاحتجاجات والتظاهرات والمواجهات مع الشرطة. وتعيش المدينة الصغيرة الواقعة في ضواحي سان لويس وضعا حساسا للغاية استدعى اللجوء الى الجيش وإعلان حالة طوارئ مفتوحة، كما قرر الرئيس باراك أوباما إرسال النائب العام للبلاد للإشراف على التحقيق.
وتأتي هذه الأحداث لتكشف استمرار الولايات المتحدة تسجيل حالات عنصرية خطيرة رغم إرساء الحقوق المدنية منذ عقود، ورغم اختيار رئيس أسود، حيث ساد الاعتقاد أن هذا الاختيار يشكل مرحلة القطع مع ممارسات الماضي، لكن الماضي يعود بكل ثقله، كما تكتب جريدة نيويورك تايمز.
وتحاول الإدارة الأمريكية احتواء أحداث فيرغرسون حتى لا تتحول الى انفجار اجتماعي سياسي لاسيما في وقت تنصب الأضواء على تصرفات الشرطة التي أصبحت بمثابة شرطة عسكرية.
وتكتب مجلة ذي نايشن أن الشرطة بدأت تتخذ شكل القوات الخاصة في الجيش الأمريكي. ويكتب ماثيو هاروود حول التصور الذي يهيمن على بعض أفراد الشرطة ومفاده “محاربتهم للعدو في معركة حربية وليس إرساء الأمن والدفاع عن المواطنين”. ويفسر بهذا التصور ارتفاع حالات القتل أحيانا المتعمد من طرف الشرطة في الولايات المتحدة.
ويتعاظم هذا المشكل في المدن ذات اإلبية السوداء التي فيها أغلبية بيضاء من أفراد الشرطة مثل حالة فيرغرسون.