…وللمخابرات العسكرية المغربية النصيب الأكبر في النكسات التي يتعرض لها ملف الصحراء في الخارج

مدير المخابرات العسكرية ياسين المنصوري

ألف بوست.- تحليل

حالة الاستنفار الدبلوماسي التي أعلنها المغرب بعد تقديم الولايات المتحدة مسودة  القرار الذي ينص على مراقبة قوات المينورسو حقوق الإنسان تكشف أن الرباط لم تكن تنتظر القرار واستبعدت تقديمه في البدء. وهذا يعكس أن جهازين رئيسيين في البلاد، جهاز الدبلوماسية وجهاز المخابرات العسكرية فشلا بشكل لافت في التكهن بالتطورات التي يأخذها ملف الصحراء، لكن في المغرب يستفيدان من غياب المحاسبة البرلمانية خاصة المخابرات.

في هذا الصدد، علمت ألف بوست أن السلطات المغربية بما فيها المؤسسة الملكية تفاجأت بخبر تقديم السفيرة الأمريكية سوزان رايس لمسودة قرار يتضمن تكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان، وكانت أسئلة التعجب: يصدر هذا عن دولة نعتبرها حليفا. ثم تساؤل عتاب وغضب حقيقي، وأين مصلحة لادجيد من هذا، أين كانت؟

تحرك المغرب في الدقائق الأخيرة وبعد تحرير السفيرة رايس لمسودة القرار  تكشف بالملموس فشل الدبلوماسية والمخابرات في التكهن بالتطورات المقبل عليها ملف نزاع الصحراء. ويبقى الفشل أكثر من نصيب المخابرات التي يشرف عليها ياسين المنصوري لأنها المعنية برصد والتكهن بالتطورات

وعمليا، المخابرات العسكرية والتي تحمل اسم “الإدارة العامة للوثائق والمستندات” يفترض أنه من مهامها وضع السيناريوهات خاصة الأسوأ منها لاتخاذ الخطط لمواجهة أي طارئ لاسيما في ملف يعتبر القضية الأولى للمغاربة. ويفترض أنها تتوفر على الميزانية المالية الكافية،وهذا صحيح، وكذلك على “الخبراء الأكفاء” وهذا…

الإدارة التي يشرف عليها ياسين المنصوري أبانت عن قصور في فهم التطورات الجارية في نزاع الصحراء وخاصة الملفات التي فتحتها جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر. ولعل الانتكاسات التي وقعت خلال السنتين الأخيرتين تؤكد هذا القصور في الرصد والفهم والتحرك، ولو كانت قد رصدت هذه التطورات لوضعت سيناريوهات الاحتواء ولساهمت في صناعة القرار  “الصائب” سياسيا ودبلوماسيا في نزاع الصحراء.

وأبرز الانتكاسات التي تعرضت لها المخابرات العسكرية في نزاع الصحراء تتجلى في:

-نجاح البوليساريو في إقناع المنظمات الدولية بملف حقوق الإنسان وتحويله الى محور رئيسي لإضعاف المغرب، مستغلا صمت وزارة العدل المغربية التي يرأسها مصطفى الرميد على الخروقات التي تقع في الصحراء ومستغلا الفكرة السادجة لدى وزارة الداخلية بأن “العنف المفرط” سيربي الصحراويين ويجعلهم لا يتعاطفون مع البوليساريو. ولعل عجز المخابرات المغربية يعود الى قصورها في إدراك الدور الذي أصبحت تلعبه الجمعيات الحقوقية الدولية في العلاقات الدولية.

-نجاح جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر في إنشاء لوبي قوي وسط البرلمان الأوروبي حقق منعطفا عندما نجح في إقناع البرلمان بإلغاء اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي وربط تجديدها باستثناء مياه الصحراء من الاتفاقية والآن يطرح اتفاقية الزراعة على أنظار القضاء.

-عجز المخابرات على رصد التطورات الجارية في أوروبا والكثير من دول العالم وأبرزها اعتراف البرلمان السويدي بالبوليساريو كجمهورية واحتمال قيام دول أخرى بالمثل وقد تكون الضربة قوية في حالة إقدام حكومة إيرلندا الشمالية على الاعتراف بالبوليساريو. وكمثال على هذا العجز، فشلت المخابرات ومعها الدبلوماسية في نشر مقال واحد في الصحافة السويدية يشرح موقف المغرب.

-العجز الفادح للمخابرات المغربية في التكهن بالتطورات التي تشهدها الولايات المتحدة وكيف يمكن أن ينعكس ذلك على ملف الصحراء ومنها وصول جون كيري الى وزارة الخارجية، والاكتفاء بالإطمئنان  الى مقولة “المغرب حليف استراتيجي للولايات المتحدة” حتى جاءت المفاجأة القوية من طرف سوزان رايس. ولم تدرك هذه المخابرات أن الضربات الصاعقة التي تلقاها المغرب في هذا النزاع كانت من الولايات المتحدة سواء في عهد الرئيس جيمي كارتر أو جورج بوش الإبن الذي كاد أن يفرض على المغرب مشروع جيمس بيكر الذي ينص على الحكم الذاتي لأربع سنوات ثم الاستفتاء.

-عجز المخابرات على إنشاء لوبي مغربي في دول الاتحاد الأوروبي، بل قضت على ملامح تشكيل أي لوبي رغم وجود أكثر من ثلاثة ملايين مغربي في دول أوروبا عندما أشرفت بعقلية “القايد” و”المقدم” على تشكيل مجلس الجالية المغربية في الخارج، وكان همها استقطاب من يردد شعار “العام زين”.

ويصبح التساؤل حول دور وفعالية عمل المخابرات التي يديرها ياسين المنصوري أكثر  إلحاحا لسببين، الأول، تراجع مكافحة الإرهاب الذي كان يشكل موضوعا آنيا في أجندة هذا الجهاز بحكم تواجد عناصر إرهابية مغربية في الخارج لديها ارتباطات بالداخل. ويتمثل السبب الثاني في أن مجال تحرك البوليساريو وما حققه لم يتم في إفريقيا أو في معسكر سوفياتي مندثر ولا في السبعينات والثمانينات بل في الغرب أساسا الذي يتغنى المغرب بأنه حليفه الرئيسي وتجمع مخابرات هذه الدول علاقات طيبة بنظيرتها المغربية.

التطورات التي تشهدها الصحراء تكشف أن المغرب يفتقر لجهاز  استخباراتي قادر على وضع سيناريوهات احتواء الطوارئ المسجلة في هذا الملف، وهو جهاز يستفيد من غياب المراقبة والمحاسبة البرلمانية على الفشل.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password