أعلنت وزارة الشؤون الإسلامية المغربية قبول طلب مقدم من المجلس الإسلامي لنيجيريا لتكوين أئمة، وتنضاف هذه الدولة الى دول أخرى طلبت الأمر نفسه من المغرب وهي مالي وغينيا كوناكري وليبيا وتونس. وهذا يعزز من الدبلوماسية الدينية للمغرب التي تخلف قلقا لدى بعض دول الجيران مثل موريتانيا والجزائر.
وجاء هذا الإعلان أمس الاثنين، حيث أكدت الوزارة قبول الملك محمد السادس لطلب المجلس الإسلامي لنيجيريا. وتشهد نيجيريا ارتفاع للتطرف الإسلامي جراء انتشار فكر تنظيم القاعدة والوهابية، ومن مظاهر هذا التطرف ما يجري من اختطاف للفتيات 200 من طرف جماعة بوكو حرام التي نفذت عمليات اغتيال دينية سواء ضد المسلمين أو المسيحيين. وتبحث السلطات الدينية تكوينا معتدلا للأئمة وجاء الاختيار على المغرب.
وهذه هي المرة الخامسة التي يتلقى فيها المغرب طلبا مشابها من دولة إفريقية وعرببة، حيث سبق وأن تلقى طلبات من كل من مالي وتونس وليبيا وغينيا كوناكري وحاليا نيجيريا.
المغرب نحو الدبلوماسية الدينية
ويحاول المغرب أن يجسد ما يسمى بالدبلوماسية الدينية. وكان الملك قد بدأ هذه الدبلوماسية الدينية في مظهرها الجديد خلال سبتمبر الماضي عندما شارك في مراسيم تنصيب رئيس مالي إبراهيم كيتا، وقال “إن الإسلام في المغرب وفي مالي واحد، ممارسة وتقاليدا. إنه إسلام متشبع بنفس القيم المبنية على الوسطية والاعتدال، وبنفس تعاليم التسامح والانفتاح على الآخر. كما أنه يظل عماد الوشائج الروحية التي تجمع على الدوام بين بلدينا”. وحول التعاون الديني، أعلن الملك عن تكوين 500 إمام في المغرب على المذهب المالكي.
وعلاقة بالإسلام ولكن هذه المرة في شقه السياسي، قال الملك في خطابه “وإننا بقدر ما نهنئ أنفسنا جميعا على هذا الانتصار الجماعي، على قوى الظلامية والانفصال في مالي، فإننا ندرك أيضا حجم التحديات التي تنتظر هذا البلد، خلال مرحلة المصالحة الوطنية وإعادة البناء”.
وأكد على هذا التوجه في الخطاب الذي وجهه الى القمة الإفريقية-الفرنسية يوم 7 ديسمبر الماضي. وجاء في الخطاب “إن الحفاظ على السلم والاستقرار والأمن في المنطقة رهين بصيانة الهوية الثقافية والحوزة الدينية التي مكنت شعوبها من العيش بتناغم على مدى قرون عديدة”. ويضيف “ويضيف في خطابه “لقد أخذ المغرب على عاتقه حماية الإسلام السني الذي يدعو إلى الاعتدال والتسامح والانفتاح، والذي اعتنقته شعوب المنطقة عبر تاريخها، معتمدا في ذلك على الوشائج الروحية العريقة التي تربطه ببلدان منطقة الساحل وعلى مؤسسة إمارة المؤمنين، علاوة على تجربته الناجحة في مجال إصلاح الحقل الديني”.
ولا يعتبر مضمون الخطاب جديدا بل يؤشر ويؤكد على رهان المغرب على ما يمكن تسميته “بالدبلوماسية الدينية” وتوجد محطات مهمة تبرز هذا التوجه.
وتاريخيا، ارتبطت تجمعات إسلامية سنية وصوفية في غرب إفريقيا بالمغرب، وهو ارتباط يعود الى عهد السلاطين السابقين ومنذ بداية نشر المرابطين للإسلام في منطقة إفريقيا الغربية. ولكن المؤسسة الملكية حاليا تراهن على الدبلوماسية الدينية في مواجهة الإسلام المتطرف وخاصة المرتبط بجماعات مثل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.
دبلوماسية دينية بين الترحيب والرفض
وترحب بعض الدول الإفريقية بهذا النوع الجديد من الدبلوماسية “الدبلوماسية الدينية” خاصة السنغال ومالي والنيجر نسبيا، كما تعتبرها فرنسا بمثابة دبلوماسية واقية من التطرف.
ولكن في الوقت نفسه، تشعل فتيل حرب التسابق الديني بين المغرب والجزائر وإن كانت الأخيرة لا يمكن أن تساير المغرب في هذه الحرب بسبب افتقارها لرموز دينية وعمق تاريخي ديني في القارة السمراء، ويعتبر الصراع على زعامة الزاوية الدينية بين المغرب والجزائر مظهرا لهذه الحرب. وتدفع سياسة المغرب بعض الأئمة وبعض الجماعات في غرب إفريقيا الى اعتباره بمثابة تدخل في الشؤون الدينية، كرد الفعل الذي صدر عن أئمة وهابيين في مالي.
وتنضاف موريتانيا الى الدول التي تنتقد المغرب لدوره في إفريقيا الغربية، وكانت مقالات صحفية قد انتقدت بشدة المغرب بسبب تكطوينه أئمة في مالي وغينيا كوناكري، واعتبر رجال دين في موريتانيا أنهم تاريخيا الأولى بهذا الدور. وكانت جريةة “زهرة شنقيط” قد نشرت هذه اليام مقالا تنتقد فيه بشدة سياسة المغرب في مالي، وتكتبت أن الرباط اعتقدت أنها بتكوينها أئمة قد وطدت حضورها في هذا البلد.
مقالات سابقة حول الموضوع: