أيقظ ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة، موجة من الرفض والغضب بين الجزائريين الذين تعاظمت لديهم الشكوك في وجود خطة للتحكم في الاختيارات الانتخابية للجزائريين لانتخاب الرئيس المقبل للبلاد، وبدأ الغضب والاستياء يتخذ صياغا تنظيمية على مستوى الشارع، وظهرت حركة احتجاجية منظمة اخترقت جدار الخوف و عظم التوافق والتنسيق في صفوف المعارضة لإسقاط العهدة الرابعة وكثر المنسحبون من المنافسة على الرئاسيات بسبب شكوكهم في نزاهتها، وانتظمت في المواقع الاجتماعية مبادرات لحشد الراي العام الجزائر ضد استمرا بوتفليقة. فهل يوقظ ترشح الرئيس الجزائري للعهدة الرابعة ما لم توقظه شروط الربيع العربي في الجزائريين للمطالبة بالتغيير والإصلاح؟
الرئيس بوتفليقة يدعو إلى التصويت ويرهن استقرار البلاد باستمراره
ودعا الرئيس بوتفليقة في رسالة تلاها وزير العدل ونقلها الإعلام المحلي “الجزائريين للمشاركة في الاستحقاق الرئاسي في17 أبريل 2014، واختيار من يرونه الاصلح لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة”. وهاجمت رسالة الرئيس معارضي العهدة الرابعة والمتشككين في نزاهة الاستحقاقات المقبلة قائلا:” إن الشعب الجزائري سيقدم مرة اخرى وكعادته درسا في المواطنة لمن يتربصون السوء بهذا الوطن العزيز ويرد على كل من يشكك في نضجه السياسي وقدرته على المحافظة على مكتسباته ،وصون امنه واستقراره”.
وخلفت رسالة بوتفليقة نقدا واسعا في صفوف المعارضة السياسية والشعبية،ورأت صحيفة الخبر في مضمومنها سعيا من السلطة في الربط بين “استمرار بوتفليقة في الحكم والاستقرار في البلاد”.
ولا يطمئن بعض قطاع المعارضة السياسية الجزائرية لترشح بوتفليقة، كما تنقل وسائل إعلام محلية، فهي ترى أن المتحكمين في اللعبة السياسية في البلاد هم من دفعوه للترشح بل إن بعضهم يقول “إن بوتفليقة لا يعي ما يدور حول ” . ويطالبونه بالخروج امام الجزائريين ويعلن بنفسه موقفه.
ظهور بوتفليقة يجلب مزيدا من الشكوك في قدرته على ممارسة المهام الرئاسية
وقدم الإثنين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ترشحه للرئاسيات المقبلة ونقل التلفزيون العمومي حديثه الذي كان يظهر عليه أثر المرض . ولعل الصورة الصحية للرئيس التي تجلى بها في ظهورها ذاك قد تسبب في اندلاع مزيد من الجدل والشكوك في قدرة بوتفليقة على قيادة البلاد بعد ترشحه.
وقالت صحيفة الخبر اليوم أثبت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بالدليل القاطع، أنه لا يتمتع بكامل قدراته الذهنية” وتوقفت الصحيفة الجزائرية عند ما اعتبرته عن الخلط في حديث الرئيس المقتضب وقالت موضحة: “. فقد تحدث بوتفليقة وهو جالس مع مراد مدلسي رئيس المجلس الدستوري، عن المادة 74 من الدستور، بينما كان ينبغي أن يذكر المادة 73 التي تتناول شروط الترشيح. وذكر المادة 32 من قانون الانتخابات، في حين كان ينبغي أن يتحدث عن المادة 136 التي تتناول إيداع ملف الترشيحات لدى المجلس الدستوري”.
من جهة اخرى شكك وزير الإتصال الجزائري الأسبق عبد العزيز رحابي، في” صحة الفيديو الذي ظهر فيه الرئيس بوتفليقة، وهو يُسلم ملف ترشحه لرئاسيات أفريل القادم، لرئيس المجلس الدستوري، مراد مدلسي،”.ونقلت صحيفة الشروق عن رحابي قوله: “إنه وفقا لمعلومات دقيقة، فإن تسجيل الفيديو لم يتم بالهيئة الدستورية، وإنّما في مقر إقامة الرئيس بوتفليقة الشخصية، والتسجيل تم إعداده سلفا قبل أول أمس”.
بروز حركة احتجاجية منظمة “اخترقت جدار الخوف”
في خضم ذلك أُعلن وسط الجزائر عن تأسيس حركة احتجاجية تناهض العهدة الرابعة لبوتفليقة، انبثقت في عقب احتجاجات السبت تدخل الامن لتفريقها واعتقال عدد من الناشطين المشاركين فيها ، اُطلق عليها اسم حركة “بركات” ويقول احد نشطائها كما تنقل الخبر الجزائرية:” إننا مواطنون مشمئزون مما حدث للدستور في2008 . وقالت عنها صحيفة الوطن الجزائرية ” إن منظمي تجمعات مناهضة لترشح بوتفليقة قد قرروا الانتظام في حركة وتتطلع لتنفيذ احتجاجات في الايام المقبلة”.
ويتماهى خطاب هذه الحركة حتى الساعة مع مضامين خطاب حركات احتجاجية في عدد من بلدان الرابيع العربي.
وعلقت بعض الصحف الجزائرية على النشاط الاحتجاجي والنضالي لمعارضي العهدة الرابعة قائلة:”معارضو بوتفليقة يكسرون حاجز الخوف” . وتضيف في سياق رصدها لتطور المظاهرات :”فقد سجل المتظاهرون تقدما مرشحا للتزايد اكثر بمناسبة المظاهرات المقررة الاسبوع المقبل” وتؤكد ايضا:” … ثمة تطور في الشعارات المرفوعة التي لم تقتصر على “لا للعهدة الرابعة” بل دعت “لرحيل النظام”.
المعارضة السياسية تحشد للمقاطعة والانسحاب
وعلى المستوى السياسي شددت المعارضة السياسية الجزائرية على تعزيز رفضها للعهدة الرابعة لبوتفليقة ، وجددت انتقادها للاجواء المحطية بالاستحقاقات الرئاسية المقبلة. وكانت قررت في هذا السياق أحزاب مقاطعة الانتخابات وتوحدت قوى علمانية وإسلامية معارضة لاول مرة في الجزائر على بيان مشترك ينتقد اجواء الانتخبات الرائاسية، وانسحب مرشحون للرئاسيات الجزائرية من السباق وعلق اخرون قرارهم بسبب عدم الوضوح . في هذا الخضم اعلن رئيس حزب ” جيل جديد ” عن انسحابه بعد ان جمع 61 ألف توقيع لمؤيديه، حسب الخبر. وبرر هذا المسؤول الحزبي الجزائري الانسحاب بقوله:” النظام يدفع الجزائريين للتصويت على رئيس نصف ميت”.
ومن جتهتها تشير صحيفة الشروق الجزائرية إلى اعتزام مرشح رئاسي آخر الانسحاب من المنافسة على الرئاسيات وهو أحمد بن بيتور رئيس الحكومة الأسبق. كما احجم الامين العام لحزب القوى الاشتراكية الجزائري طماطرارزة عن الإعلان عن موقف واضع اتجاه الانتخابات الرئاسية بسبب ما اعتبرها “غياب مؤشرات واضحة في الساحة السياسية الجزائرية”. كما جاء في الشروق.
رأي عام مشكك
ويواكب هذا المزاج السياسي لدى المعارضة الرافض للعهدة الرابعة لبوتفليقة، مزاج إعلامي رافض مربتط بالراي العام تعكسه مواقف عدد من كتاب الرأي في وسائل الإعلام الجزائرية. ويرى كاتب رأي في صحيفة الشروق في مقال بعنوان:” المشكلة ليس في بوتفليقة” ان المعضلة لا تكمن في ” ترشح بوتفليقة لانتخابات حرة ونزيهة ” ويعتبر هذا الأمر “طرحا قاصرا” . ويشدد الكاتب في المقابل على أن المعضلة الحقيقة تكمن في ان :” هناك رغبة لدى النظام القائم منذ العام 1962في الخلود في الحكم بغض النظر عن هوية مرشحه”.
ويعلق كاتب رأي جزائري ـآخر هو الهادي الحسني في سياق تعليقه على رسالة بوتفليقة التي دعا فيها الجزائريين على الإقبال على التصويت واختيار رئيس البلاد وتشديده على ربط استقرار الجزائر باستمراره بالسلطة، قائلا:” إن من إمارات “قيام ساعة الجزائر” هو أن يربط استقرارها و مستقبل شعبها ببقاء شخص او ذهابه”.
ويؤكد كاتب ثالث في مقال ساخر بالشروق بعنوان” البقاء للأصلع:” يبدو أن خلط الاوراق والذي كان مرتقبا في الرئاسيات المقبلة قد دفع بالكثيرين إلى الزهد في الترشح، ومن أبقى على نيته في ذلك فإنما هو بقصد التشويش أو التأرنب”. ثم يمضي ممعنا في نبرته الساخرة قائلا:” لندع الرجل ينهي حياته رئيسا … ولا تبهدلوا الرجل في عز الشيخوخة بسبب اخطاء ارتكبها المحيط والمقربون ” ثم يضيف:” وسيصوت الشعب لصالح بوتفليقة مريضا كان أو معافى أو معاقا، فقط لأن الشعب عاطفي، خاصة إذا صارحهم الرئيس بالمرض وبتاريخه وإنجازاته ومخاطر البلاد من دونه ومن بعده! وسيقتنعون والبعض سيبكي”.
المواقع الاجتماعية جبهة اولى لمناهضة العهدة الرابعة
تزخر المواقعه الاجتماعية الجزائرية بحركة احتجاجية مناهضة للعهدة الرابعة على نحو لافت، ويتحو ل الفضاء العام الرقمي الجزائري إلى ميدان ساخن لنصب الحواجز الاحتجاجية امام استمرار بوتفليقة في السلطة وللمطالبة بانتخابات نزيهة. وظهرت قائمة بعشرات الحسابات على موقع فيسبوك تناهض العهدة الرابعة ،واتخذت بعضها شعارات بارزة ، مثل علامة ممنوع موضوعة على رقم أربعة. وتختار مجموعة فيسبوكية اخرى شعار ” رابعة ” لانصار الرئيس المعزول محمد مرسي ليحوره إلى “لا لرابعة” . ويكتب ناشطون فيسبوكيون جزائريون تعليقات مقتسبة مثل:” من الديمقراطية عندنا أن يختار الحاكم شعبه”. ومن بين صور كاريكاتورية ساخرة تلك التي يبدو فيها مسؤول عسكري يعلق ملصقا كبيرا تبدو فيه صورة لبوتفليقة في العناية المركزة بمستشفي، ثم يكتب تعليق مرافق ساخر جاء فيه:” إن رصيد حياتكم غير كاف لإجراء العهدة الرابعة”.
وتسجل المواقع الاجتماعية الجزائرية عموما حشدا بارزا ضد العهدة الرابعة للرئيس الجزائري تطالب بالإصلاحات.