أقدمت ساكنة طنجة وتطوان على مبادرة نضالية فريدة من نوعها بإطفائها الأنوار ليلة السبت 17 أكتوبر الجاري احتجاجا على غلاء الفواتير التي أصبحت أكثر من نظيراتها في بعض الدول الأوروبي، وغلاء الفواتير يطرح تساؤلات على مفهوم التنمية البشرية في المغرب.
وقامت أغلبية ساكنة المدينتين بإطفاء الأنوار في الساعة الثامنة ليلا الى غاية التاسعة من ليلة السبت، وبدتا في لحظات معينة كما عادت الى التاريخ الغابر غارقة في الظلام، حيث فضلت المقاهي والمنازل إطفاء الأنوار وإشعال الشموع. وكانت هذه المبادرة النضالية قد شهدتها تطوان منذ 15 سنة ولأيام متوالية عندما ارتفعت فواتير الماء والكهرباء بشكل صاروخي وغير مفهوم.
ولم يكتفي السكان بهذه المبادرة، بل شهدت بعض الأحياء، وفق جرائد محلية مثل طنجة نيوز وطنجة 24، وعلى رأسها المتضررة من ارتفاع قيمة الفواتير تظاهرات ومسيرات تنديدية. وتدخلت قوات الأمن لمحاصرة بعضها تفاديا لتحولها الى احتجاجات عنيفة جراء رشق بعض الشبان سيارات بالحجارة. وكانت الشعارات الرئيسية هي “الشعب إسقاط أمانديس”.
وتعتبر مدن طنجة وتطوان ربما أكثر من نظيراتها المغربية التي تعاني من فواتير مرتفعة للماء والكهرباء منذ سنة 2000 عندما أقدمت الدولة المغربية على تفويت قطاعي الماء والكهرباء الى شركة فرنسية ضمن صفقة الخوصصة للحصول على السيولة المالية مقابل التسامح مع الشركة للتحكم في الأسعار.
ولاحقا، أصبح الغلاء في مجموع مدن المغرب، بل وتحولت فواتير الماء والكهرباء المرتفعة الى محرك للاحتجاجات وتكون عنيفة في بعض الأحيان كما وقع في مراكش وتازة.
وتحول قطاع الماء والكهرباء الى القطاع الذي يشهد ما يعتبر “السيبة المالية”، حيث تغيب المقاييس الحقيقية، وتجد منزلا به امرأة عجوز تعيش في غرفة وتتوصل بما قيمته 500 درهم كفاتورة الكهرباء. ويحدث هذا في غياب مراقبة حقيقية.
وتحولت فواتير الماء والكهرباء الى العنصر الذي يستنفذ دخل العائلات في المغرب الى مستوى أن المغرب أصبح الدولة الوحيدة في العالم ربما الذي تتجاوز فيه فاتورة الماء والكهرباء مرتب تقاعد الكثير من المغاربة.
واعتادت الدول التي تطمح الى تحقيق تنمية بشرية للتحول الى دولة صاعدة الاعتمام بشيئين، توفير الماء والكهرباء والتغذية المناسبة من جهة والتعليم في المستوى من جهة أخرى.
ولم ينجح المغرب في هذا المجال، حيث تحولت فواتير الماء والكهرباء الى كابوس حقيقي بعد ارتفاع الأسعار بشكل صاروخي، بينما يحظة التعليم بإجماع على فشله.
في غضون ذلك، لقيت مبادرة طنجة بإطفاء الأنوار ليلة السبت اهتماما كبيرا من طرف وسائل الاعلام ومن الساكنة التي تفكر في شكل نضالي آخر قد يكون عدم تسديد الفواتير، لكن يبقى المثير هو دعوة عدد من نشطاء الفايسبوك الى مغرب بدون أنوار خلال الأيام المقبلة احتجاجا على ارتفاع فواتير الماء والكهرباء.