تنهج الدولة المغربية في ملف التعليم وخاصة الأساتذة المتدربين السياسة التي تخلت عنها بعض دول العالم ومنها منطقة أمريكا اللاتينية، كما تنهج سياسة قريبة إن لم تكن مماثلة للتدبير المفوض في الماء والكهرباء.
ويعتبر قطاع التعليم في المغرب من أسوا القطاعات في العالم وفق التقارير الدولية، بسبب غياب الجودة والاكتظاظ المروع والفشل الدراسي. ورغم هذا الوضع المأساوي تراهن الدولة المغربية على التعليم الخصوصي في بلاد تفتقر لتقاليد القطاع الخصوصي بسبب الفساد والريع الاقتصادي خاصة وأن الخوصصة بدأت تمس فقط القطاعات الحيوية التي تمس القدرة الشرائية.
وفي هذا الصدد، يعيش المغرب على إيقاع ملف الأساتذة المتدربين الذين تعرضوا لقمع وحشي الخميس من الأسبوع الماضي بعدما قررت الدولة المغربية تطبيق المرسومين اللذين يحرمان الأساتذة المتدربين من العمل المباشرة. وتبقى المفارقة أن رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران كان يطالب المعطلين باحتياز المباريات، وتقع المفاجأة أنه بعد النجاح في المباريات والخضوع للتكوين يتعامل معهم كأنهم طلبة.
وهذه السياسة التي تنهجها الدولة المغربية يعتبر ابن كيران من منفذيها هي من توصيات صندوق النقد الدولي منذ سنة 2003 الذي طالب المغرب بضرورة تقليص النفقات في القطاعات الاجتماعية.
ورغم اعتراف صندوق النقد الدولي السنة الماضية بأن بعض سياساته قد فشلت في المجالات الاجتماعية، إلا أن الدولة المغربية تصر على تطبيق التوصيات القديمة.
وهذه التوصيات واجهتها دول ومنها منطقة أمريكا اللاتينية منذ بداية العقد الماضي حيث رفضت بشكل قاطع تدخل صندوق النقد الدولي في قطاع التعليم، وتعتبره قطاع سيادة بامتياز مثل سيادة الوحدة الوطنية.
ومن ضمن الأسباب التي تفسر نهضة الكثير من الدول في أمريكا اللاتينية وتحقيقها نمو اقتصادي مستمر وتراجع البطالة هو السياسة التي تطبقها الآن في قطاع التعليم.
وبدأت الدولة المغربية تطبق مفهوم التدبير المفوض في قطاع التعليم على شاكلة ما طبقته في قطاع الماء والكهرباء، وهي السياسة التي حملت معها مآسي حقيقية منها الاختلاسات التي تعجز الدولة عن فتح تحقيق فيها.