يتكرر مشهد تهميش المغرب في المؤتمرات الدولية الخاصة بالأمن العربي والاقليمي المغاربي. وآخر حلقة في التهميش إقصاءه الممنهج من قمة واشنطن التي جرت الاثنين من الأسبوع الجاري لمعالجة الوضع الأمني في ليبيا بمشاركة من يفترض حلفاء الرباط في الساحة الدولية سواء في المعسكر الغربي أو العالم العربي. وتجري هذه التطورات في وقت تغيب فيه تفسيرات رسمية حول تراجع المغرب.
واحتضنت العاصمة واشنطن مساء الاثنين 22 سبتمبر الجاري قمة لوزراء خارجية الدول التالي: الجزائر، مصر، قطر، العربية السعودية، تونس، الإمارات العربية، تركيا، اسبانيا، فرنسا إيطاليا، المانيا، بريطانيا، الولايات المتحدة علاوة على الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وتناولت القمة تطورات الأوضاع في ليبيا وكيفية مساعدة هذا البلد على الخروج من الأزمة التي يعاني منها أمنيا.
وجاء في البيان الرسمي المنشور في موقع وزارة الخارجية الأمريكية التنديد بتدهور الوضع في ليبيا، والعمل على دعم مساعي مبعوث الأمم المتحدة بيرناردينو ليون في هذا البلد والإشادة بالمبادرة السياسية لمصر التي قدمتها يوم 25 غشت الماضي ومؤتمر مدريد وأخيرا المبادرة الجزائرية باحتضان حوار الفرقاء الليبيين خلال بداية الشهر المقبل.
وكما جرى تهميش المغرب في مؤتمر جدة يوم 11 سبتمبر الجاري بمشاركة دولة عربية معتدلة وتركيا، وتكرر التهميش في مؤتمر باريس يوم 16 من الشهر الجاري، يتكرر تهميشه في مؤتمر دولي كبير في واشنطن يوم 22 سبتمبر. ووسط هذا التهميش حضر فقط مؤتمر مدريد يوم 17 سبتمبر الجاري الذي لم يكن له وزن في القرارات الدولية، حيث اكتفى المغرب بمشاركة الوزيرة المنتدبة في الخارجية امباركة بوعيدة.
وهذا التهميش يترجم عمليا بتراجع مكانة المغرب رغم الخطاب الرسمي الذي يروج لرواية مختلفة. وفي الوقت ذاته، يطرح تساؤلات مقلقة حول فعالية الدبلوماسية المغربية. فمن جهة، يقدم المغرب نفسه عضوا فعالا في مكافحة الإرهاب والعمل على استقرار منطقة المغربي العربي بينما يجري تغييبه عن مؤتمرات هامة، ومن جهة أخرى، تشارك في هذه المؤتمرات الدول التي ينتمي إليها المغرب في الساحة الدولية وهي الدول الغربية والأنظمة الملكية العربية.
ويزداد التساؤل حول فعالية الدبلوماسية المغربية بحكم أن التهميش جاء من حلفاء حقيقيين للمغرب وهم العربية السعودية التي احتضنت مؤتمر جدة، ومن فرنسا التي احتضنت مؤتمر باريس وأخيرا الولايات المتحدة التي احتضنت مؤتمر واشنطن. وتمتلك الدول المحتضنة صلاحية استدعاء من تريد من الدول، وهو ما فعلته اسبانيا باستدعاء المغرب لحضور مؤتمر 17 سبتمبر الجاري، ولم تفعله الرياض وباريس وواشنطن.
وكانت الجزائر قد عمدت في السابق الى تهميش المغرب في قمة القاهرة حول ليبيا خلال غشت الماضي بعدما فرضت تصورا قائما على مشاركة الدول التي تشترك مع ليبيا الحدود الجغرافية. لكن مؤتمرات جدة وباريس وواشنطن حضرتها وشاركت فيها دول لا تشترك مع ليبيا الحدود، وهنا يتضاعف سؤال التهميش الممنهج الذي يتعرض له المغرب.