مانديلا اعترف بجميل المغرب في تحرر جنوب إفريقيا وقاوم ضغوطات المؤتمر الوطني الإفريقي للإعتراف بالبوليساريو دولة

نيلسون مانديلا يكرم الخطيب يوم 27 أبريل 1995

ارتبط الرمز الإفريقي نيلسون مانديلا بالمغرب بروابط خاصة، فهو يعتبر هذا البلد من الدول التي ساهمت في إقلاع المؤتمر الوطني الافريقي في كفاحه نحو  تحرير جنوب إفريقيا من نظام العبودية. وإن كانت هذه العلاقات شهدت توترا، فقد امتنع نيلسون مانديلا عن الاعتراف بالبوليساريو دولة إبان فترة الرئاسية رغم الضغوطات التي تعرض لها من قبل حزبه. وقد أبرز الملك محمد السادس هذا في برقية التعزية التي وجهها الى رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما.

ورحل مانديلا ليلة أمس الخميس عن سن تناهز 95 سنة، قضى ثلتها تقريبا وراء القضبان دفاعا عن الحرية والتحرر من نظام عبودي كان استثنائيا في القرن العشرين “نظام الأبرتهايد”. وخلال رحلة الكفاح من أجل الحرية قبل اعتقاله، حط الرحال في المغرب بحثا عن دعم قوي.

جاء الى المغرب سنة 1962 في وقت كان المغرب من رموز التحرر ولم يكن وقتها قد سقط في التعاون ضد بعض حركات التحرر. كان اسم محمد الخامس من المراجع الرئيسية في النضال دوليا، وكانت أسماء مثل علال الفاسي والمهدي بن بركة وعبد الخالق الطريس تمنح للمغرب وضعا متميزا وسط حركات التحرر اليسارية منها والمحافظة.

ووجد مانديلا في الدكتور عبد الكريم الخطيب المخاطب الرئيسي في شهر مارس 1962 عندما زار  المغرب، حيث وفر له الخطيب بترخيص من الملك الحسن الثاني السلاح والدعم المالي وكذلك التدريب العسكري لمقاتلي المؤتمر الوطني الإفريقي. وفي الوقت ذاته، نسج له علاقات مع جبهة التحرير الجزائري في مدينة وجدة. ولا يمكن فهم علاقة مانديلا بالمغرب بدون فهم صداقته للخطيب.

وتوترت العلاقة لاحقا بين المغرب وحزب المؤتمر الوطني الإفريقي بسبب مواقف سياسية للملك الراحل بقطع العلاقة مع حركات التحرر في إفريقيا بل والسقوط في مخططات أمريكية، الأمر الذي جعل تيار مناصري الجزائر في المؤتمر الوطني الإفريقي يتبنون تدريجيا فكرة دعم جبهة البوليساريو.

الملك الحسن الثاني مستقبلا الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا سنة 1993
الملك الحسن الثاني مستقبلا الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا سنة 1993

وزار  نيلسون مانديلا المغرب والتقى الحسن الثاني سنة 1994 وقدم له الشكر على المساعدة وعالج معه ملفات متعددة منها نزاع الصحراء. ويقال أن مانديلا تحفظ على طقوس المخزن لأنه اعتبر أنها نوع من العبودية. وتبقى اللحظة التاريخية في علاقة مانديلا بالمغرب هو  اعترافه في تجمع يوم 27 أبريل 1995 بدور المغرب في دعم تحرر بلاده، وخص الدكتور عبد الكريم الخطيب بكلمات ود وشكر وتوقف عن الخطاب ليعانقه فوق المنصة.

قاوم نيلسون مانديلا ضغوطات مناصري الجزائر والبوليساريو وسط المؤتمر الوطني الإفريقي وعلى رأسهم من سيصبح رئيس البلاد بعهده، تامبو مبيكي للاعتراف بما يسمى الجمهورية الصحراوية، ولكنه قبل بتمثيلية للبوليساريو كحركة وكان قد أخبر الملك الحسن الثاني بذلك سنة 1993. لكن رحيله عن رئاسة البلاد وعن رئاسة المؤتمر الوطني الإفريقي ووقوع توتر دبلوماسي بين الرباط وبريتوريا ومنها التنافس على تنظيم كأس إفريقيا وتراجع احترافية دبلوماسية المغرب دفع جنوب إفريقيا الى الاعتراف بما يسمى دولة البوليساريو يوم 15 سبتمبر 2004.

وقد أثنى الملك محمد السادس في برقية التعزية الى رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما على العلاقة الخاصة التي جمعت مانديلا بالمغرب، ويقول حول الصحراء

 “خلال فترة توليه مهام رئاسة بلاده، على احترامه لشرعية المغرب في صحرائه، ولم يقبل أبدا لا بالاعتراف ولا بدعم تقسيم أو تجزئة بلدي”.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password