مأساة غرق سفينة للهجرة في السواحل الإيطالية بما خلفته من حصيلة قتلى ومفقودين لم تسجل من قبل 143 جثة جرى انتشالها وعدد كبير من المفقودين، أيقظت الحكومات الأوروبية والاتحاد الأوروبي من سباتها بشأن ظاهرة الهجرة. ورغم هول المأساة، لا يتردد اليمين القومي المتطرف من استغلال الظاهرة بينما تتبادل الحكومات والمفوضية الأوروبية الاتهامات وسط دعوات الى التحلي بالمسؤولية.
وحتى صباح اليوم الاثنين، تستمر فرق الإنقاذ الإيطالية في البحث عن مفقودي السفينة التي غرقت صباح الخميس في سواحل جزيرة لامبيدوسا الإيطالية ، حيث جرى أمس انتشال 16 جثة ليصبع عدد الجثث المنتشلة 194، ويجعل الرقم الحقيقي للمفقودين وإن كان الحديث يجري عن قرابة 150 بحكم أن السفينة التي انطقلت من ليبيا كانت تحمل قرابة 500 مهاجر، وقد نجى 155.
ووجهت الحكومة الإيطالية برئاسة إنريكو ليتا اتهامات قوية الى المفوضية الأوروبية متهمة إياها بعدم تبني سياسة موحدة في مجال الهجرة لمواجهة مثل هذه المأسي، واعتبرت إيطاليا الأوروبيين أنانيين لأنهم لا يتعاونون مع دول جنوب أوروبا في معالجة هذه الظاهرة التي عادة بقوة خلال السنتين الأخيرتين.
ومن ضمن التفسيرات التي تركز عليها الصحافة الأوروبية وخبراء الهجرة هو ربط ارتفاع الهجرة السرية بتطورات العربي العربي. في هذا الصدد، تفيد دراسات وتصريحات أن انهيار أنظمة مثل ليبيا وتونس وغياب الاستقرار فيها حتى الآن، يجعل مراقبة الشواطئ عملا ثانويا مقارنة مع مراقبة الوضع الداخلي ومحاولة توفير الأمن. وتحذّر هذه الدراسات من ارتفاع الظاهرة بشكل ملفت مجددا كما كات عليه منذ عقد من الزمان.
ويبدو أن تأثير المأساة وقوة تصريحات الحكومة الإيطالية قد بدأت توقظ المسؤولين الأوروبيين لاسيما وأن اليمين القومي المتعصب يستغل هذه الظاهرة للانتعاش سياسيا كما يجري في اليونان وإيطاليا وفرنسا وهولندا ضمن دول أخرى.
وتحاول المفوضية الأوروبية أن تنفي عن نفسها مسؤولية هذه المأساة، مؤكدة أن حراسة الحدود هي مهام قطرية لكل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وأن المفوضية تضع برامج وتساهم عندما يتم طلب ذلك منها. وأصدرت المفوضية في نهاية الأسبوع تقريرا تتحدث على أن برنامج “فرونتيكس” وهو وكالة الحدود الخارجية الأوروبية” المكون من دوريات تعود لدول أوروبية مشتركة قد ساهم في إنقاذ حياة 16 ألف شخص في عرض شواطئ البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي بين جزر الكناري والمغرب وإفريقيا الغربية.
ووجه رئيس الحكومة الفرنسية جون مارك أيرولت نداءا السبت الماضي الى المسؤولين الأوروبيين بضرورة الاجتماع بشكل فوري لمعالجة ظاهرة الهجرة السرية بعد مأساة لامبيدوسا، مبرزا أن “هذه المأساة أيقظت ضميرنا ولا يمكن أن نبقى في موقف المتفرج”.