يعتبر المغرب من الدول الاستثنائية في العالم التي لا تولي أهمية تذكر لعيد الاستقلال رغم أن الدول تجعل من محطة الاستقلال العيد الوطني الحقيقي.
وتحل ذكرى عيد الاستقلال الذي يصادف يوم 18 نوفمبر، وهو تاريخ خطاب الملك محمد الخامس بعد عودته من المنفى وبداية المفاوضات للاستقلال عن فرنسا ولاحقا عن اسبانيا بعد عقد حماية مشؤوم وقعه “السلطان” عبد الحفيظ. وخلال هذه المناسبة التي في السنة الجارية، لا يوجه الملك خطابا للشعب بل ويتواجد في الخارج وبالضبط في فرنسا. كما لا توجد احتفالات خاصة بقيمة هذا العيد. وغياب الاهتمام يجعل الشعور بهذا العيد وكأنه يوم عطلة عادية. وهذا التهميش دفع ببعض السياسيين مثل محمد خليفة من حزب الاستقلال للاحتجاج المعنوي في تصريحات لجريدة بديل الرقمية على التهميش المتعمد.
وفي المقابل، تجعل الدول ومنها دول الجوار مثل تونس والجزائر وموريتانيا من عيد الاستقلال محطة بارزة في حياتها السنوية، فهو اليوم الذي يحظى بأكبر اهتمام سياسي وثقافي واجتماعي. وتجعل العربية السعودية من يوم 23 سبتمبر عيدا وطنيا لأنه يخلد توحيد البلاد يوم 23 سبتمبر 1932.
ويتعدى هذا الى دول أخرى ومنها غربية مثل الولايات المتحدة التي تجعل من يوم 4 يوليوز من كل سنة محطة في تاريخها لأنه يصادف ذكرى استقلالها عن بريطانيا سنة 1776.
وتوجد دول أخرى تجعل من أحداث تاريخية كبرى عيدا وطنيا لأنها تخلد منعطفات هامة منها انبعاث أمة بسبب هذه الأحداث. وفي هذا الصدد، اعتمدت فرنسا 14 يوليو عيدا وطنيا وهو الذي يخلد لسقوط سجن لباستيل وانطلاق الثورة الفرنسية. واختارت اسبانيا وصول كريستوفر كولون الى القارة الأمريكية يوم 12 أكتوبر 1492 عيدا وطنيا لدلالاته في التاريخ الإسباني بل والبشرية.
وتوجد أعياد وطنية كثيرة في أجندة الأعياد المغربية وبعضها لا يحمل دلالات كبيرة في معظم دول العالم مثل عيد الشباب الذي اعتمده الملك الحسن الثاني ويحافظ عليه الملك محمد السادس، وهو تاريخ ميلاد الملك الحاكم.
ومن الأعياد الأخرى وثيقة 11 يناير والمسيرة الخضراء، لكنها في العمق يجب اعتبارها، وفق الكثير من الآراء، جزء من محطة الاستقلال، وبالتالي سمو عيد الاستقلال على باقي الأعياد الأخرى لأنه يجب أن يكون منطقيا انبعاث أمة بعد تخلصها من الاستعمار، لكن هذا العيد لا يحظى بالأهمية التاريخية الذي يستحق نظرا لغياب خطاب ملكي ونظرا لغياب احتفالات حقيقية تخلد الذكرى.
وكان الملك محمد الخامس يولي اهتماما كبيرا لعيد الاستقلال وجعله أهم عيد وطني في البلاد رغم أنه كان يشكل عيد العرش لهذا الملك، لكن الملك اللاحق الحسن الثاني قام بالرفع من مستوى عيد العرش 3 مارس على باقي الأعياد الوطنية ومنها عيد الاستقلال، وخلق بذلك حالة شاذة واستثنائية بين دول العالم يحث أعياد الاستقلال والأحداث التاريخية الكبرى تكون أكثر أهمية من عيد العرش.
وخلال حكم محمد السادس، جرى الاهتمام مرة واحدة بعيد الاستقلال، وكان ذلك في الذكرى الخمسينية التي تصادفت وسنة 2005، حيث وجه الملك خطابا للشعب وأقيم احتفال رسمي.