فرنسا تعجز عن لعب دور في الأزمة السورية وتفقد تدريجيا نفوذها في الشرق الأوسط

الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند (يسار) في لقاء سابق مع رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا، وهو الائتلاف الذي فقد الكثير من تاثيره

بدأ الملف السوري يتراجع في أجندة الدول الأوروبية رغم محاولات فرنسا الإبقاء عليه والتي تشعر بخيبة أمل جراء تهميشها رفقة بريطانيا والاتحاد الأوروبي في الاتفاق بين موسكو وواشنطن بشأن تفكيك الترسانة الكيماوية السورية. وتجد فرنسا صعوبة في إحياء الملف خاصة من طرف حلفائها في جنوب أوروبا المنشغلين بالأزمات الاقتصادية التي يتعرضون لها. ويعتبر خبير أن باريس تعاملت مع سوريا مثل التعامل مع التدخل في مالي.

وتشير تحاليل الخبراء أن تدمير وتفكيك الترسانة الكيماوية لنظام بشار الأسد تحت مراقبة الأمم المتحدة وأساسا الدور الرئيسي لكل من الولايات المتحدة وروسيا المدعوة بالصين قد يترتب عنه نتائج هامة أبرزها احتمال إيجاد مخرج للأزمة السورية في حالة مؤتمر جنيف الثاني. وتبقى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأ، تفكيك الترسانة يعطي المصداقية لسوريا.

وتعتبر فرنسا الخاسر الأكبر حتى الآن لسببين رئيسيين، الأول هو أنها راهنت كثيرا على المف السوري في أفق استعادة نفوذها في الشرق الأوسط ولعب دور بارز في حل هذه الأزمة سواء بمقترحات عسكرية أو إنسانية، والسبب الثاني هو انخراطها في مشروع الضربة الأمريكية لنظام بشار الأسد بعد استعماله السلاح الكيماوي يوم 21 أغسطس الماضي في الغوطة، وهي الضربة التي لم تتم بسبب الاتفاق على تفكيك الترسانة الكيماوية.

وتجد دبلوماسية باريس صعوبة في قبول التهميش الذي يتعرض له الاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا أساسا في ظل التطورات الكبرى الذي يشهدها وتتجاوز هذا الملف الى العلاقات الأمريكية-الإيرانية التي قد تسفر عن مفاجأت في ظل الحوار الجنيني والمحتشم بعد المكالمة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الإيراني روحاني.

وكتب المحلل مارك داو  مؤخرا مقالا في الجريدة الرقمية لقناة فرانس 24 أن فرنسا ترغب في المحافظة على حضورها في الملف السوري رغم تعرضها لتهميش واضح على ضوء الاتفاق الروسي-الأمريكي وإصرار  الرئيس السوري بشار الأسد على استبعاد اي دور مستقبلي للاتحاد الأوروبي ولاسيما باريس.

ويوحي هذا المحلل أن واشنطن تخلت عن فرنسا في معالجة الملف السوري رغم انخراط باريس في مشروع الضربة العسكرية الأمريكية في وقت تراجعت فيه بريطانيا.

ويبرز بول فالي وهو خبير في العلاقات الدولية أن خطئ باريس يتجلى في التسرع ومحاولة اعتبار الملف السوري شبيه بالتدخل في مالي في حين أن الفارق كبير للغاية. ويتابع أن فرنسا عاجزة في الوقت الراهن على جر القوى الأوروبية الكبرى نحو بلورة موقف موحد أو اتخاذ مبادرة ما.

وعمليا، تستمر المانيا في تبني موقف لا يشجع على بلورة موقف سياسي موحد، بينما حلفاء باريس في جنوب أوروبا، مدريد وروما، يفضلان عدم إيلاء النزاع الروسي أهمية كبرى في ظل تولي موسكو وواشنطن البحث عن الحل أو على الأقل التقليل من الجانب العسكري وطغيان السياسي.

وكانت جريدة لوموند التي أيدت التدخل العسكري في سوريا، قد اعترفت في افتتاحية لها الأسبوع الماضي بفشل فرنسا بناء استراتيجية تحالف واستغلال الرئيس الروسي فلادمير بوتين للوضع الأمريكي الداخلي للتأثير نحو تفادي ضرب سوريا. وتعتبر لوموند أن فرنسا كان لها شرف تحريك المنتظم الدولي لمواجهة بشار الأسد بعد استعماله السلاح الكيماوي.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password