رفاق/ديوان الملك، إبعاد أصحاب الفكر السياسي القريب من المجتمع: أوريد والشرايبي واستمرار صاحب الأطروحة السلطوية علي الهمة

الملك محمد السادس يسوق سيارة وبجانبه صديقه ومستشاره المفضل فؤاد علي الهمة

فؤاد علي الهمة، الوحيد من زملاء الدراسة الذين رافقوا الملك محمد السادس في المدرسة المولوية وحتى الجامعية الذي يستمر بالقرب من الملك، بينما جرى إبعاد آخرين عرفوا بنوع من الاعتدال والتفكير السياسي غير السلطوي والقرب من المجتمع المدني مثل حسن أوريد ورشدي الشرايبي. الأمر الذي يجعل المحيط الملكي يعيش خللا كما أظهرت العديد من الحالات لاسيما على مستوى التواصل.

وكان الملك الراحل الحسن الثاني قد حرص على اختيار مجموعة من الأطفال المغاربة ليدرسوا مع ولي العهد ليكونوا مستشاريه مستقبلا. وعمليا، تولى كل واحد من هؤلاء الأطفال عندما كبروا مسؤوليات مختلفة، ونجح البعض في البقاء ضمن المحيط الملكي بينما غادره آخرون مغضوبا عليهم. ورغم وجود مستشارين من طينة عمر عزيمان إلا أن مهامهم تبقى تقنية ولا تأثير لهم على الملك مثل رفاق دراسته.

ومن الأسماء التي تستمر في تحمل مسؤولية فيصل العرايشي في القناة التلفزيونية، حيث فشل في استقطاب المغاربة لقناتهم الرسمية، ويتولى ياسين المنصوري مؤسسة الاستخبارات العسكرية التي تتراوح بين النجاح في ملفات معينة مثل الإرهاب والفشل في مواجهة البوليساريو في أوروبا والولايات المتحدة. ويستمر فاضل بنيعيش الى جانب الملك وإن كان الأقل تأثيرا وبعيدا عن الأضواء.

بينما ركز الإعلام منذ وصول الملك محمد السادس على ثلاثة أسماء ويتعلق الأمر بفؤاد علي الهمة، ورشيد الشرايبي وحسن أوريد.

ونجح حسن أوريد في رسم صورة المثقف الملتزم منذ كتاباته في الصحافة المستقلة مثل لوجونال. وعند توليه منصب الناطق باسم القصر لم يقطع علاقاته بنشطاء المجتمع المدني والسياسي بل حمل مشاريع حول القضايا الأمازيغية واليسار والحركات الإسلامية الى الديوان الملكي. وقرار المؤسسة المخزنية تعيينه واليا على مكناس بهدف تحويله الى “رجل للنظام” لم تغيره كثيرا بل استمر في نمط تفكيره، وهذا ما تبين خلال تعيينه مؤرخا للمملكة، وهو ما حدى بالمؤسسة المخزنية الى إبعاده عن القصر .

ولم يعد لرشدي الشرايبي حضورا في الديوان الملكي، فالرجل، يؤكد من يعرفونه، بأنه يحمل رؤية سياسية ناضجة للمجتمع المغربي وإن كان قد نجح في الابتعاد عن الإعلام، وجد نفسه في أكثر من مناسبة مهمشا الى أن أصبح غيابه أكثر من حضوره في الديوان الملكي والآن يغيب نهائيا عن الديوان. وينسب العارفون بالديوان الملكي هذا التهميش الى المواجهة بينه وبين الهمة.

ووسط هذه التطورات التي شهدها الديوان الملكي، يستمر  المتحكم الفعلي في المحيط الملكي هو فؤاد علي الهمة الذي يغلب عليه الجانب السلطوي أكثر من السياسي. وبدأ يتحول الى شخصية من الشخصيات التي شهدها المغرب منذ الاستقلال مثل الجنرال أوفقير، الجنرال الدليمي ووزير الداخلية إدريس البصري وكذلك ممارسات الجنرال مولاي حفيظ العلوي.

وهذا التحول هو الذي يلمسه المجتمع السياسي والمجتمع المدني. وعندما يشير أعضاء العدالة والتنمية الى مصادر رجعية في المحيط الملكي، فالمستهدف هو  فؤاد علي الهمة، بينما زعماء أحزاب آخرين الراغين في السلطة يخطبون وده لمعرفتهم مدى تأثيره على الملك محمد السادس. ويبقى المجتمع المدني والحركات السياسية غير الممثلة في البرلمان هي التي ترفع صور الهمة في التظاهرات مطالبة بطرده ومحاكمته.

والممارسات التي تجعل فؤاد علي الهمة يتحول الى شخصية تذكر المغاربة بماضي بعض الشخصيات المذكورة مثل البصري وأوفقير، وفق الكثير من التحاليل والآراء المعبر عنها هي:

-تغليب الجانب السلطوي عليه في التعاطي مع القضايا خاصة وأنه يتحكم في كل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية باستثناء المخابرات العسكرية ونسبيا الدرك.

-تغليب أطروحة تكلف المغرب كثيرا منذ الاستقلال والممثلة في الولاء للملك وإن ارتكب أخطاء على الولاء للوطن، إذ أصبح التعيين في المناصب من نصيب “المتملقين” للعرش وليس الذين يحملون غيرة على الوطن، إذ يمكن للإنسان أن يكون غيورا على بلده ولكن هذا لا يمنع من انتقاد الملك إذا ارتكب خطئا ما مثل حالة العفو الملكي على دنييل غالفان أو قوله بوجود بترول بينما كان البترول سرابا أو ارتكابه بعض الأخطاء في ملفات مثل الصحراء.

-التحكم في المحيط الملكي وجعله أداة تقنية والعمل على إبعاد كل من يحمل تصورا سياسيا مختلفا كما جرى مع أوريد وشرايبي.

وكما وضعت شخصيات من الماضي الملك الحسن الثاني في مواقف حرجة، يتسبب الهمة للملك محمد السادس في مواقف مماثلة وأبرزها،ملف دنييل غالفان حيث أشارت الكثير من وسائل الاعلام الى دوره في العفو الملكي في إطار التنافس مع رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران. وهو العفو الذي جعل الملك في موقف حرج للغاية أمام الرأي العام المغربي الذي طالبه وضغط عليه لإصلاح خطئ فادح، وكان التراجع عن العفو. Hima

الخطابات الأخيرة للملك تبدو سلطوية أكثر وأكثر، فهي تعكس  مفهوم الملكية التنفيذية بدل الملكية البرلمانية التي ينادي به جزء كبير من الشعب، هل التوجه الجديد/القديم هو قرار الملك وحده أم تحت تأثير مستشاره المفضل فؤاد علي الهمة. العارفون بخبايا المؤسسة المخزنية يتحدثون عن تاثير قوي للهمة على الملك.

ويبقى التساؤل، لماذا تم إبعاد زملاء الملك من الديوان الملكي عرف عنهم الميل النسبي نحو تفهم مطالب المجتمع المغربي مثل أوريد وشرايبي، وبقي صاحب الفكر السلطوي فؤاد علي الهمة؟

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password