تكتل”سيلاك” يكرس تحول أمريكا اللاتينية إلى قوة إقليمية ودولية بارزة

من قمة سيلاك التي احتضنتها كويا في 28 و29 يناير 2014

احتضنت العاصمة الكوبية هافانا ما بين الاثنين والأربعاء من الأسبوع الجاري أشغال القمة الثانية لتجمع سيلاك المكون من دول أمريكا اللاتينية والكاريبي. وأسفرت  عن جملة من القرارات تضمنها “بيان هافانا الختامي” عبر فيه الدول أعضاء هذا التجمع الامريكي اللاتيني عن جملة من المطالب والتوصيات همت وحدة المنطقة الامريكية اللاتينية مع الحفاظ على تعددها، ودعم الحوار والطرق الدبلوماسية في حل النزاعات الداخلية، و مواجهة الازمة الاقتصادية، والمطالبة برفع الحصار على كوبا، و دعم مطالب الأرجنتين بخصوص جزر المالفيناس، وإنهار الاستعمار بالقارة، إضافة إلى التنديد بالتجسس الأمريكي، كما  المطالبة بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وتعزيز التعاون جنوب جنوب.

 غير أن ما يمكن صياغته من عناوين كبرى تطبع نتائج القمة الثانية لتجمع “سيلاك” الذي احتضنته كوبا خلال 28 و 29 من يناير، يبقى هو نجاح تجمع سيلاك في ترسيخه نفسه كيانا تكامليا واعدا يوحد دول المنطقة على رهانات التنمية والتعاون، ثم تحقق مكسب دبلوماسي بارز لهافنا التي تعاني من حصار أوروبي وامريكي عليها، إضافة إلى ترسيخ البرازيل كقوة اولى اقتصادية وسياسة بالقارة و فاعلة في العالم.

ابرز مضامين وتوصيات بيان هافنا

تضمن ” بيان هافنا ” الذي انتهت إليه قمة “سيلاك “، جملة من المواقف والتوصيات التي تعبر عن سياسة هذا التكتل اتجاه القضايا المختلفة الداخلية، وتوصيات تعني كذلك علاقة دول القارة بالعالم وبتكتلاته الأخرى. ومن ابرز ما احتواه البيان الختامي الذي جاء في 80 نقطة :

اعتبار “تكتل سيلاك” لمنطقة امريكا اللاتينية وجرز الكرايبي منطقة سلام  ووحدة، وسعيه في ترسيخ الجهود السلمية والحوار لحل كل الخلافات الداخلية بين اعضاء بلدان  هذه القارة. كما تشديده على إبراز الدعم الكامل لكوبا في مواجهة الحصار الاقتصادي المفروض عليها  ومطالبة الولايات المتحدة، بإدانة قاسية، بوضع حد للحصار الذي تفرضه على هافنا منذ  ازيد من  50عاما.

ويدعم البيان كذلك جهود الوساطة التي تقوم بها كوبا في المفاوضات بين الحكومة الكولومبية وحركة الفارك المسلحة  لإنهاء الاقتتال الداخلي. كما يسند بشكل كامل مطالب الارجنيتين لاستعادة جزر المالفيناس من  بريطانيا ،ودعم حلها بالجهود السلمية والدبلوماسية وفي إطار الامم المتحدة.

ويحث البيان كذلك دول العالم على ضرورة  توصيات الأمم المتحدة والقانون الدولي في التعامل مع النزاعات وتبني والحل السلمي للخلافات الدولية ورفض التهديد واستعمال القوة  واحترام تقرير المصير وكذلك سيادة البلدان ووحدة أراضيها.

 ويدعو البيان دول التكتل إلى بلورة سياسات مالية واقتصادية فاعلة قادرة على موجهة الازمة الاقتصادية والمالية العالمية وإلى العمل على  دعم السيايات العمومية في بلدانهم وكذلك تشجيع القطاع الخاص

 ومن جهة اخرى هنأ  أعضاء سيلاك بوليفيا على إطلاقها الناجح للقمر الاصطناعي ” توباك كتاري ” في دجنبر الماضي، لتعميم المنافع للشعب البوليفي على مستوى التعليم والتكوين و المعلومات وتسهيل تبادل المعارف العلمية مع باقي دول امريكا اللاتينية.

ودعا البيان في سياق متصل بتعزيز التعاون جنوب جنوب، وبإصلاح النظم الداخلية لهيئة الامم المتحدة خصوصا دمقطرة  قرارات مجلس الأمن الدولي بكثير من الشفافية والمساواة بين جميع أعضائه.

للشرق الأوسط نصيب من توصيات البيان 

 أبدى البيان الختامي اهتماما بقضايا الشرق الأوسط وفي مقدمتهما الملف السوري و الإيراني  والتسلح النووي، وابرز دول أعضاء التكتل فيه عن  قلقهم من “الوضعية الإنسانية السيئة للمدنيين السوريين” وحذروا مما يحمله هذا الملف “من تهديد للاستقرار والسلم في منطقة الشر ق الاوسط والعالم”، وأثنى البيان  على دخول  على الأطراف المعنية في  مفاوضات جنيف 2

وتطرف البيان أيضا إلى  مسالة نزع السلاح النووي في منطقة الشر ق الاوسط  واشادت  بما نتهى إليه الملف النوو ي الإيراني من نتائج  الحوار بين إيران ومجموعة 5+1.  و أكد البيان  الختامي على الدعوة من أجل جعل منطقة الشرق الاوسط منطقة خالية من السلاح النووي بما في ذلك إسرائيل.

نجاح تجمع سيلاك

كان  تجمع “سيلاك ” الذي تاسس في العام 2011 بكراكاس بمبادرة أساسية من  الرئيس السابق لفنزويلا الراحل هوغو تسافيز ا، يواجه تحدي الاستمرارية خصوصا بعد رحيل تشافيز ، وكان هذا التكتل قد تشكل أساسا لتحقيق تكامل  ووحدة  بين غالبية دول امريكا اللاتينية و تعزيز القوة الاقتصادية والسياسية للمنطقة إقليميا ودوليا.  ويبقى موعد هفانا المتزامن مع  قمته الثانية، لحظة مهمة في مسار هذا التكتل، فقد حضرته الغالبية العظمى من الدول الأعضاء لتجمع سيلاك، وبات مخاطبا بارزا للقارة في مع تكتلات دولية أخرى، وصارت تجمعه قمم دورية مع الاتحاد الأوروبي حيث ينتظر أن تحتضن بروكسيل في العام 2015 القمة الثانية بين  الاتحاد الاوروبي وسيلاك، ثم قمم مماثلة مع الصين و مع إفريقيا  وتكتلات اخرى.

 وبات أيضا تجمع “سيلاك” يتجاوز تجمع الامريكيتين: أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة وكندا. وقد  تتعزز فاعلية “سيلاك” بالجو السياسي العام الاخذ في التشكل في منطقة أمريكا اللاتينية في ظل الانتخابات الاخيرة أو المقبلة، فقد اعادت انتخابات التشيلي رئيسة يسارية هي ميشل باشوليت إلى السلطة في هذا البلد، في حين تتحضر بلدان امريكية لاتينية أخرى لخوض انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة تظهر استطلاعات الرأي المتعددة  بشأنها،  والمتداولة بمختلف و سائل إعلام هذه البلدان، عن تقدم لافت للمرشحين اليساريين على منافسيهم.

نجاح دبلو ماسي لكوبا

عاد احتضان كوبا للقمة الثانية لتجمع “سيلاك”  على هذا البلد الامريكي  اللاتيني الذي يعاني من حصار اقتصادي دولي مفروض عليه خصوصا من الولايات المتحدة الامريكية  والاتحاد الاوربي، ومحاولة عزل حتى داخل هذه القارة عبر حلفاء للولايات المتحدة الأمريكية  من داخل هذا التجمع،  عاد عليها بنجاح دبلوماسي لافت. فقد ايد بيان قمة هفانا  مطالب كوبا برفع الحصار عنها ، وتوجيه انتقاد قاس للولايات المتحدة التي تقود مساعي عزلها. فقد استطاعت هافنا ان تستقطب كل الزعماء الامريكيين اللاتينيين ولم تغيب إلا رئيس بناما بسبب خلاف مع هافنا حول سفينة كورية شمالية كان على متنها سلاح كوبي ، وحضر  الامين العام لمنظمة الامركيييتين التى لم يزر ممثلها منذ 50عام  هذه الجزيرة (كوبا). واستطاعات كوبا أيضا ف يهذه القمة ان حضى بدعم منالتكتل لبعض سياساته الانفتاحية في مجال ا لاقتصاد.   واستطاعت كوبا ان تسهد توفقا غي رمسبوق بين أعضاء التكتل خصوصا انثاء صياغة البيان الختامي فعلى الرغم من بعض الاختلافات إلأ انه جرى التوصل إلى بيان ختمي مشترك متوافق عليه ولم ينسحب اي عوض من التكتل كما حرى في مناسبات سابقة واستطلع ان يحضر دجول بينهها خلافات ونزاعات حدودية مثب التشيلي والبيرو  وبوليفيا . واخر مكسب يتحقق لكوبا  ويتزامن مع القمة الثانية لسيلاك ” هو ” تمكن  دول الاتحاد الاوربي من  تحقيق إجماع حول فتح مفاوضات مع كوبا  والتقدم  في الاتفاقية  الثنائية من أجل إنهاء  الحصا ر الاوروبي على هذا البلدا الامريكي اللاتيني. وتاتي هذه الخطوة الاوروبية  الهامة بالنسبة إلى كوبا بتزامن مع  محاولات انفتاح اقتصادي  ينتهجه النظام الكوبي ،وهو ما يعني  من ناحية اخرى  توجيه رسالة إلى واشنطن التي تمارس حضرا اقتصاديا على هافنا منذ 50عام.

وقالت مصادر  اوربية إنه حصل اتفاق بين دول الاتحاد الاوروبي حول المجموعة التي سوف  تقود المفاوضات مع كوبا   تصلح للدفع بالتبادل التجاري و العلاقات الاقتصادية وينتظر ان يدعم وزراء خارجية اوروبا  هذا الاتفاق في العاشر من فبراير.

تكريس قدرة البرازيل على قيادة المنطقة والتكتل

تميز حضور البرازيل وهي قوة اقتصادية بارزة  في امريكا اللاتينية، بتكريس نوع من الزعامة الجديدة في المنطقة  التي ترتبط بالقوة  الاقتصادية  والسياسية  اكثر من الارتباط بالزعامة  الاديولوجية كما جرى تقليديا في هذه البقاع  خصوصا بعد تخلي فيديل كاسترو عن قيادة بلاده بسبب ظروفه الصحية ووفاة هوغو تشافيز العام الماضي .  ويتجلى  هذا الامر أثناء مشاركة البرازيل في هذه القمة من خلال حجم الاستثمارت التي اعلنتها الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف بكوبا، حيث أعلنت ان بلداها تمول مشروعا ضخما في  هذا البلد يتعلق بتاهيل  البنية التحية لإنعاش الصناعة و التجارة وتكلفت بتمويل مشورع ضخم من بين منجزاته بناء ميناء كبير  بالجزيرة الكوبية بلغ حجم غلاف الاول 802 مليون دولار، إضافة إلى تمويل  مراحل لاحقة  من المشروع ب  209 مليون دولار  مخصصة لبناء منطقة صناعية في ذات البلد، وتعهدت ايضا ديلما روسيف باستقطاب حوالي 10 آ لاف طبيب كوبي للعمل بالبرازيل.  وتؤهل القوة الاستثمارية لدى البرازيل أن تصير برازيليا  قوة فاعلة  في التكتل، ويرشحها بقوة لقيادة التكتل والقارة.

وتلقت  البرازيل دعما من دول ” سيلاك” التي انتقدت في بيانها  التجسس الأمريكي على بلدان العالم  بخصوص مشرورعها الطموح في ضمان استقلال معلوماتي وفي عالم الاتصال الحديث.

وعقدت البرازيل خلال قمة هافنا هذه  عدة اتفاقيات لتقوية علاقاتها الاقتصادية والسياسية بابرز بلدان القارة مثل المكسيك و الأرجنيتن و فنزويلا و بوليفيا وغيرها.

وعموما يحصد تجمع “سيلاك” في قمته الثانية بهافانا قوة اكبر في منطقة امريكا اللاتينية على طريق التكامل و الوحدة  ويرسخ تحولها إلى فاعل إقليمي ودولي بارز بقيادة البرازيل.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password