تطوعت جريدة الأهرام التي تعتبر ناطقا باسم الدولة المصرية بشكل أو آخر بكتابة افتتاحية تقدم اعتذارا للشعب المغربي عن الإساءة الصادرة عن مذيعة تلفزيونية تسمى أماني الخياط اتهمت المغرب باتهامات غير أخلاقية على خلفية تصفية حسابات مع الإسلاميين ومنهم حزب العدالة والتنمية المتزعم للإئتلاف الحكومي.
وتحاول الدولة المصرية احتواء تأثيرات هذا الحادث الإعلامي المؤسف لتزامنه مع ملفات أخرى وضعت تساؤلات حول العلاقات الثنائية بين البلدين نتيحة ما فسره المغاربة بشعل عسل بين الجزائر ومصر ثم انفتاح الاعلام المصري بشكل غير مسبوق على نزاع الصحراء مدافعا عن وجهة نظر جبهة البوليساريو.
وتفيد كل المؤشرات على محاولة مصر تفادي أزمة مع المغرب خاصة في ظل نظام عبد الفتاح السيسي الذي يبحث عن شرعية دولية بسبب وصوله الى السلطة في ظروف غير مناسبة سياسيا. وتحركت سفارة مصر في المغرب لتعلن اعتذارا للشعب المغربي، ثم وزارة الخارجية المصرية التي رفضت ما جاء على لسان المذيعة والآن افتتاحية جريدة الأهرام التي تعبر عن موقف الدولة المصرية وأخيرا تقدم أفراد من الجالية المغربية في مصر برفع دعوى ضد أماني الخياط أمام القضاء المصري بتهمة الإساءة الى المغرب.
نص الافتتاحية بتاريخ 18 يوليوز
تظل الصلات والوشائج بين الشعوب والأمم أقوى وأصلب جدا من هفوات وحماقات عابرة لا يقدر أصحابها عواقبها وتأثيراتها على علاقات مصر الخارجية ومصالحها الوطنية، خصوصا مع البلدان العربية الشقيقة التى كانت لها مواقفها المشهودة فى دعم ومؤازرة الإرادة الشعبية المصرية التى تجلت فى أنقى وأبهى صورها فى 30 يونيو.
ودون شك فإنه لا يوجد أى مبرر منطقى مقبول للإساءة لبلد كالمغرب، فمصر شعبا وقيادة وحكومة لا ترضى عن الإساءة للمغرب وملكها، فالمحروسة تحمل كل تقدير وامتنان للشعب المغربى، ولا يمكنها السماح لتصرف فردى غير مسئول من مذيعة بإحدى الفضائيات بالإضرار بالعلاقات المصرية المغربية على الصعيدين الرسمى والشعبي.
فما جرى شكل صدمة للمصريين قبل المغاربة الذين يكنون محبة واعتزازا بالغا لأرض الكنانة وأهلها، وكانوا دوما من الداعمين والمساندين لها وقت الشدة والأزمات، ولذلك كان رد فعل المصريين غاضبا ومستهجنا لما بدر منها. بل إن وزير الخارجية سامح شكرى أبدى خلال لقائه أمس الأول مع رؤساء تحرير الصحف المصرية امتعاضه من الموقف، وعبر عن ارتياحه لمواقف المصريين ووسائل الإعلام المصرية باستنكارها هذا التصرف.
وفى هذا السياق فإن مصر تتفهم رد الفعل الغاضب من جانب وسائل الإعلام المغربية وتوجيه انتقادات عنيفة لاذعة، وسبب التفهم أنها تعبير عن حالة من الدهشة من صدور إساءة كهذه من أناس فى دولة شقيقة كمصر يحملون لها كل ود ومعزة، ولعلنا لاننسى فى هذا الإطار وجود روابط ثقافية وفنية وطيدة بين البلدين كان لها تأثيرها فى تعزيز قوتهما الناعمة عربيا ودوليا.
ويعلم الشعب المغربى أن الواقعة المسيئة غير معبرة عن مصر وشعبها، وأن لدى الطرفين الرصيد الكافى الذى يسمح بتجاوزها ومواصلة تعاونهما المثمر المبنى على الاحترام والتقدير المتبادل.