بعد الإفراج المؤقت عن علي أنوزلا، قرر الدولة المغربية وخاصة وزير العدل مصطفى الرميد الطي النهائي لملاحقة جريدة الباييس بتهمة الترويج للإرهاب، ولا يقدم الوزير للرأي العام المغربي توضيحا لهذا التراجع. وتؤكد مصادر اسبانية أن الرباط أدركت الإنعكاسات السلبية لأي ملاحقة.
وكان وزير مصطفى الرميد قد أعلن مساء 17 سبتمبر الماضي، وهو اليوم الذي اعتقل فيه علي أنوزلا، مدير جريدة لكم باللغة العربية، ملاحقة جريدة الباييس بتهمة الترويج للإرهاب بسبب نشر مقال ورابط لشريط تنظيم القاعدة، وهو الرباط الذي نشرته جريدة لكم.
ويلتزم مصطفى الرميد الصمت المطلق حول قرار المتابعة، حيث لا يقدم للرأي العام المغربي الأسباب التي جعلته يحجم حتى الآن عن تقديم الدعوى، كما أن زميله في الحكومة، مصطفى الخلفي وزير الاتصال بدوره يلتزم الصمت المطلق.
وطيلة الأسابيع اللاحقة، توصلت الدولة المغربية باستشارات سياسية وقضائية تنصحها بتخلي عن الدعوى القضائية لأنها دعوى خاسرة بل قد يترتب عنها انعكاسات سياسية سلبية لمصالح المغرب في اسبانيا.
في هذا الصدد، أكدت عدد من المصادر الخبيرة بالقانون الإسباني أنه في حالة ما إذا كان المغرب قد رفع دعوى ضد الباييس كان القضاء سيقوم مباشرة بحفظ الدعوى لأن القانون الإسباني لا يعاقب على نشر شريط فيديو وكل الهيئات الإعلامية الكبرى تتفق في هذا الشأن، أي اعتبار ذلك بمثابة ممارسة إعلامية حرة. ويذكر أن قانون مكافحة الإرهاب في اسبانيا متطور على المغربي بسبب مواجهته لمنظمة إيتا طيلة العقود الأربعة الأخيرة. وهذا كان سيضع المغرب في موقف حرج بسبب استمرار علي أوزلا بتهم يعتبرها قانون الدول الديمقراطية ليست جريمة.
وكان سيترتب عن الحفظ، احتمال الباييس ملاحقة الدولة المغربية بتهمة محاولة تشويه سمعة جريدة دولية وقد يصل الأمر الى المطالبة بالتعويض عن هذا الضرر.
وعلى مستوى آخر، نصحت عدد من الأطراف السياسية الإسبانية الدولة المغربية بتجنب المواجهة مع جريدة الباييس لأنها الأكثر تأثيرا في البلاد وتنتمي الى أكبر مؤسسة إعلامية في اسبانيا وهي بريسا. وتؤكد هذه الأطراف أن مجموعة بريسا تخلت ومنذ سنوات عن خطاب النقد الشديد للقضايا المغربية ومنها الصحراء، إذ كانت في الماضي تقارن المغرب بإسرائيل في هذا الملف، ثم أصبحت تدافع نسبيا عن الحكم الذاتي.
وفي الوقت ذاته، كانت الدعوى ستجعل الدولة المغربية تفقد أهم أداة إعلامية لمخاطبة الرأي العام الإسباني بل ربما استعدائها ضده. واختار الملك الراحل الحسن الثاني الباييس لتحاوره خلال زيارته الى اسبانيا في أواخر الثمانينات. وبدوره، اختار الملك محمد السادس جريدة الباييس عندما كان وليا للعهد (1987الحوار ) وعندما تولى العرش (الحوار 2005) لمخاطبة الرأي العام الإسباني.
واعتاد بعض الوزراء المغاربة دق أبواب الباييس لكي يدلوا بتصريحات، وآخرهم امحند لعنصر الذي اتصل ديوانه الصيف الماضي بجريدة الباييس يطلب أن تجري معه الجريدة حوارا، ولكن في آخر المطاف لم يتم.
وتفيد بعض الأخبار، وإن كانت غير مؤكدة، أن قرار متابعة الباييس كان قرارا بمبادرة من مصطفى الرميد دون استشارة الخارجية والديوان الملكي، وأقدم على هذه المبادرة تحت ضغط الرأي العام والإعلام الذي اعتبر أن ملاحقة علي أنوزلا تستوجب ملاحقة الباييس كذلك. وهذا التصرف شبيه بالبيان الذي أصدره خلال أزمة مغتصب الأطفال غالفان ورفضت وسائل الاعلام العمومية نشره وبثه. كما أن الدولة المغربية خسرت دعوى ضد الباييس منذ شهور تتعلق بنشر صورة حول أحداث أكديم إيزيك في الصحراء تبين أنها تعود لفلسطين، ولم تكشف الدولة المغربية عن تقديم الدعوى.
ويبقى السؤال المعلق: هل سيوضح الرميد للرأي العام لماذا تراجع عن تقديم دعوى ضد الباييس؟
ملاحظة: ألف بوست كتبت مباشرة بعد إعلان الرميد تقديم الدعوى ضد الباييس استحالة تقديم هذه الدعوى لأن القانون الإسباني لا يسمح، روابط مقالات ألف بوست في هذا الشأن:
مقال 20 سبتمبر
تطورات ملف اعتقال أنوزلا، النيابة العامة في اسبانيا ترفض فتح تحقيق مع الباييس بتهمة التحريض على الإرهاب