واشنطن والرباط: علاقات تاريخية بدون مضمون إنساني وآفاق واعدة وسجينة “قفطان هيلاري كلينتون”

استقبال الرئيس باراك أوباما للملك محمد السادس خلال نوفمبر 2013

يتطلع الكثير من الشباب المغاربة الى اختيارهم ضمن القرعة الخاصة بالهجرة الى الولايات المتحدة، ويعتبرون ضمن المواطنين الذين يرغب هذا البلد في استقدامهم بسبب ضعف عددهم. وفشلت الرباط وواشنطن في تشجيع الهجرة المغربية التي تبقى وجهتها أوروبية بامتياز، ومعها تفتقد العلاقات الثنائية للزخم الإنساني والآفاق الواعدة.

وبدأت القرعة الخاصة بالهجرة يوم فاتح أكتوبر الجاري وستنتهي يوم 3 نوفمبر المقبل، وسيتم اختيار قرابة ثلاثة آلاف مغربي ضمن 50 ألف تأشيرة مخصصة لباقي دول العالم، وهو ما يشكل قرابة 6%. ويعتبر هذا رقم مرتفعا نسبيا، ويسفر بسبب ضعف المغاربة حاليا في هذا البلد.

ووفق الإحصائيات الرسمية، لا يتجاوز عدد المغاربة 150 ألف في مجموع الولايات المتحدة، ما يعادل 3% الى 4% من الهجرة المغربية في الخارج، وهي نسبة ضئيلة مقارنة مع شساعة بلد مثل الولايات المتحدة والإمكانيات الاقتصادية التي يتوفر عليها. وتاريخيا، لم تستأثر الولايات المتحدة باهتمام المغاربة الراغبين في الهجرة بل استأثرتهم كندا المجاورة لها أكثر رغم عدم توفرها على إمكانيات بلد العم سام.

وهناك من يبرر هذا الضعف بثلاثة عوامل، طبيعة المغرب الفرنكفونية التي تجعله يتوجه نحو فرنسا، وحداثة الهجرة المغربية التي بدأت بعد الاستقلال بينما هجرة العالم للولايات المتحدة تعود الى أكثر من قرنين، وأخيرا البعد الجغرافي. ويقول أحد المهاجرين المغاربة في أوروبا عن هذا الوضع “الهجرة نحو أوروبا تتطلب قطع مضيق جبل طارق على ظهر قارب وإن كان خشبيا وبدائيا، بينما الهجرة الى الولايات المتحدة تتطلب قاربا من نوع حاملات الطائرات نيميتز”.

وغياب علاقات إنسانية على مستوى الهجرة والتبادل الثقافي والاقتصادي يتعارض ومعطيات التاريخ، فالعلاقات بين البلدين تعود الى القرن الثامن عشر عندما كان المغرب أول بلد يعترف بالولايات المتحدة، واحتضنت المغرب أول تمثيلية دبلوماسية أمريكية في الخارج وكانت في مدينة طنجة. ويتناقض ووجود اتفاقيات ثنائية في مجال مختلف مجالات التعاون ومنها آخر اتفاقية حول التبادل التجاري الحر الموقعة سنة 2004.

وتفتقد المكتبة المغربية والأمريكية لكتب حول العلاقات الثنائية وآفاقها المستقبلية، إذ لم يهتم أي باحث سواء في المغرب أو الولايات المتحدة بكتابة كتاب حول العلاقات الثنائية. وما يوجد حتى الآن سوى كتب قديمة لضباط عسكريين عملوا في المغرب خلال الخمسينات وحتى السبعينات أو كتب كلاسيكية مثل كتاب بورتون هولمز الصادر سنة 1901 حول زيارته للمغرب وبعض الإنتاجات الجامعية مثل كتاب واتربوري. ومن الجانب المغربي فقر بين باستثناء الإشارات التي جاءت في تاريخ الدبلوماسية المغربية للمؤخر عبد الهادي التازي.

وتبقى الولايات المتحدة في المخيلة المغربية هي السياسة الخارجية تجاه العالم العربي وومواقف غير ودية في ملف الصحراء مثل موقف مستشارة الأمن القومي سوزان رايس سنة 2013 وأخبار عن صفقات أسلحة، ثم المبالغة في مدح “هيلاري كلينتون بالقفطان المغربي”، حيث رفع البعض من ارتداء زوجة الرئيس الأسبق بيل كلينتون والمرشحة الى رئاسة الولايات المتحدة الى مستوى الاتفاقية التاريخية أو الحدث التاريخي.

وغياب إنتاجات فكرية يعود الى ضعف التواجد الطلابي المغربي في الولايات المتحدة، فالأفكار السائدة هي غلاء الجامعات الأمريكية واقتصار الدراسة هناك على أولاد الأغنياء. وإذا كانت توجد نخبة فرنكفونية في المغرب، فالنخبة الأنجلوسكسونية غائبة وضعيفة للغاية في هذا البلد ولم تتبلور بعد.

وغياب هذخ النخبة وتراجع المغرب في الأجندة الأمريكية، يجعل العلاقات الثنائية بين الرباط وواشنطن بدون زخم إنساني وبدون آفاق واعدة.

وإذا كان المغرب يشهد عجزا تاريخيا في التواصل السياسي والثقافي، وهو ما يفسر ضعف الإنتاجات الفكرية وضعف الدفاع عن قضاياه مثل الصحراء في المنتظم الدولي، فالولايات المتحدة دولة متقدمة في التواصل. وعلى ضوء هذا، يبقى التساؤل، هل فشلت السفارة الأمريكية في الرباط خلال العقود الماضية وحتى الآن في خلق اهتمام لدى المغاربة بالهجرة الى الولايات المتحدة؟ أم مفهوم الحلم الأمريكي تعامل معه المغاربة كحلم وليس كواقع؟

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password