المغرب في قلب معركة مدريد الداخلية والخارجية للتنقيب عن النفط في الأرخبيل الكناري/ محمد المودن

المصالح المشتركة مرة والاختلافات القائمة مرة أخرى بين المغرب وإسبانيا اجعل الرباط حاضرة دائما في ملفات مهمة لمدريد مثل ملف التنقيب هن النفط

مع اقتراب موعد بدإ المغرب التنقيب على النفط في مياهه الإقليمية بمحاذاة جزر الكناري والذي من المنتظر أن يجري الشروع فيه مطلع اكتوبر المقبل، تعود بقوة الرغبة لدى الحكومة الإسبانية في المسارعة بدورها إلى التنقيب عن النفط  في مياهها القريبة من جزر الكناري والمحاذية للمياه الإقليمية المغربية بهذه المنطقة.

 وفي الوقت الذي جرى فيه بين الرباط ومدريد تجاوز الخلاف مؤقتا على التنقيب عن النفط في المناطق القريبة للمياه الإقليمية بين البلدين بسبب عدم ترسيم الحدود المائية لحد الآن، اتفق الجاران على مباشرة التنقيب في المناطق القريبة والتي لا يوجد عليها خلاف، فإن العائق الحقيقي يبقى في الوقت الراهن امام مدريد هو  موقف حكومة الأقليم الكناري الجهوية  التي تعترض بشدة على أي تنقيب عن النفط في الأرخبيل بسبب مخاوف من تداعياته البيئية على منطقة تعتبر السياحة موردها الاقتصادي البارز.

 ومازل الترخيص الذي منحته حكومة ماريانو راخوي لريبسول من أجل التنقيب عن النفط في الارخبيل، قيد التقويم والنظر من قبل مؤسسات معنية في إسبانيا من بينها المحكمة العليا بعد ان قدم رئيس حكومة الحكم الذاتي للاقليم باولينو ريبيرا اعتراضات قانونية على الترخيص.

ويشكل المغرب طرفا خارجيا مرة وداخليا مرة اخرى في  ملف التنقيب عن النفط  في المياه القريبة من جزر الكناري الذي تخوض فيه الحكومة الإسبانية. و كان المغرب قد  اعترض في العام 2001 بعد أول ترخيص منحه خوسي ماريا أثنار لريبسول للتنقيب عن النفط  هناك بسبب عدم ترسيم الحدود في المياه المشتركة بين البلدين، وكان بالتالي طرفا خارجيا في تلك المعركة. ويعود المغرب من جديد ليشكل طرفا في معركة  التنقيب عن النفط  في واجهتها  الداخلية، بين حكومة مدريد المركزية وحكومة جزر الكناري الجهوية و يتم التنافس على توظيفه بين الطرفين المتواجهين.

الرباط تشرع في التنقيب عن النفط بالقرب من الأرخبيل الكناري وتؤجج رغبة مدريد في المسارعة إلى استغلال النفط المجاور

تشرع خلال الأسابيع القليلة المقبلة “كايرن انيرجي” الاسكوتلاندية التنقيب عن النفط في المياه الإقليمية المغربية القريبة من جزر الكناري لصالح الرباط. وينتظر أن تبدا في مطلع اكتوبر المقبل مهام التنقيب على عمق يتراوح ما بين 500 م إلى 2000 م تحت مياه البحر وستشمل منطقتين متقاربتين هما “فوم درعة” ومنطقة أخرى قريبة حسبما صرح سيمون طومسون المدير التنفيذي للشركة الاسكوتلاندية “كاين إنرجي” المكلفة بمهام التنقيب عن النفط لصالح  المغرب في هذه المنطقة.

 ومن جهتها كانت “كارين انيرجي” نفسها أشارت على موقعها انه سيشرع  في أعمال التنقيب عن النفط في المياه المغربية القريبة من كنارياس في  الفترة المترواحة ما بين الأشهر الثلاثة الاخيرة من العام 2013 حتى الأشهر الثلاثة الثانية من العام 2014 .

 وحسب معلومات مفصلة توضحها الشركة الإسكوتلاندية على موقعها فإنه فيما يخص التنقيب عن النفط في منطقة فوم درعة التي تبعد عن السواحل المغربية ب 120 كليومتر مربع، وتقع شمال جزر الكناري، وتمتد على مساحة تصل إلى 3300 كليو متر مربع

. واشارت إلى أن حصتها من استغلال هذه الموارد هي 50 في المائة  فيما حصة المغرب عبر المكتب الوطني للطاقة و المعادن هو 25 في المائة. يتقاسم شركاء آخرون حصة 25 في المائة المتبقية وهما شركتا سان ليون إنرجي14،2  في المائة  وسيركا انيرجي 8،3 في المائة ، إضافة إلى شركة “لونغريش أويل آند غاز” بنسبة 2،5 بالمائة.

وفي منطقة التنقيب الثانية وهي قريبة من  السواحل المغربية ب60 كيلومتر وقريبة أيضا من جزر الكناري، فإنها تمتد على مساحة 5600 كيلومتر مربع  وسيصل التنقيب فيه عن النفط إلى  عمق تحت الماء يتراوح ما بين 100 متر و 1500 متر. ويحصل المغرب على نسبة 25 في المائة فيما ستحصل كارين انرجي على 37،5 في المائة  وشريكها “جينرال انرجي” 37، 5 في المائة.

وتتوقع الشركة الرئيسية المنقبة عن النفط في  المياه المغربية المحاذية للمياه الإسبانية ولجرز الكناري وجود حوالي 142 مليون برميل من النفط الخام.

وتسعى الحكومة الإسبانية إلى استغلال فرصة بدأ المغرب التنقيب عن النفط قبالة جزر الكناري للتأثير على خصمها في معركة استغلال نفط الأرخبيل التي تعترض عليها حكومة الحكم الذي لاقليم كنارياس برئاسة باولينو ريبيرا .

  المعركة الدخلية في إسبانيا للتنقيب عن النفط في جزر الكناري

غدا الثلاثاء 24 شتنبر الجاري، سوف تكتمل المهلة امام حكومة جهة جزر الكناري  لتقديم اعتراضاتها التي تتضمن توضيحات للتداعيات البيئية على الأقليم ضد الترخيص الجديد الذي منحته الحكومة الإسبانية التي يقودها الحزب الشعبي لشركة ريبسول من اجل التنقيب عن النفط في مياه بلادها المحاذية للأرخبيل الكناري. وتستعجل حكومة مدريد المركزية  البث في هذا الخلاف لتسارع إلى التنقيب عن النفط قريبا من الجزر.

وتقول الحكومة الإسبانية استنادا إلى تقرير شركة ريبسول المختصة بالطاقة والتنقيب عن النفط، إن مياه الكناري، قد تكون تتوفر على 1400 مليون برميل من النفط الخام،ويمكن استخراج حوالي 140 ألف يوميا على مدى عشرين عاما ، وهو ما يعادل 10 في المائة من مجموع الاستهلاك الوطني بإسبانيا، وهي نسبة يعتبرها المسؤولون المحليون نسبة معتبرة وغير مسبوقة قد تخفف كثيرا من حجم استيراد النفط من الخارج، وخصوصا في هذا الظرف الاقتصادي الذي تعيشه البلاد .

 وتنتظر شركة ريبسول وشركاءها وهما الشركة الالمانية “إر دوبل في إي ” والشركة الاسترالية “وودسايد”، الضوء الاخضر من السلطات المعنية بإسبانيا بتقويم اعتراضات حكومة الكناري الجهوية على الترخيص الذي منح لها من الحكومة المركزية، حتى تشرع في اعمال التنقيب. وتتمحور الاعتراضات على مخاطر التنقيب في هذا الإقليم الإسبانية على البيئة  ومن تسر ب النفط إلى وساحل الارخبيل فتلحق به ضررا بيئا كبيرا  وتهدد بذلك القطاع المركزي و الأول الذي يعتمد عليه الأرخبيل وهو قطاع السياحة.وتدعم قوى مدنية وسياسية بيئية و من  الخضر في إسبانيا وفي اوروبا اعتراض رئيس حكومة الجزر الجهوية بولينو ريبيرا .

ومنذ ان منح رئيس الحكومة الإسبانية عن الحزب الشعبي  الأسبق خوسي ماريا أثنار ترخيصا لشركة ريبسول للتنقيب عن النفط في العام 2001، حتى بدأ معارك قانونية وسياسية بين حكومة ريبرا الجهوية بالارخبيل الكناري  وحكومات الحزب الشعبي  المركزية منذ تلك الفترة إلى اليوم.

واستطاعت حكومة ريبيرا ان تعطل قرار الحكومة المركزية وخصوصا التي يقودها الحزب الشعبي، حيث ظفرت بحكم من المحكمة العليا الإسبانية في 2004 يدعم اعتراضاتها امام عجز الحكومة المركزية عن تقديم ضمانات بيئية.

 ومع وصول الحكومة الاشتراكية بقيادة رودريغيز ثبايترو إلى السلطة في مدريد في العام 2004، وجدت حكومة الحكم الذاتي في الأرخبيل  متنفسا، حيث وعدته حكومة ثباتيرو بعدم المضي في الترخيص لريبسول للتنقيب عن النفط في الجزر وتجميد القرار الذي كان سمح به سلفه خوسي ماريا أثنار.

 ومع عودة الحزب الشعبي إلى السلطة في العام 2011، قامت وزارة التجارة والطاقة بالحكومة الإسبانية بالترخيص من جديد لشركة ريبسول من أجل التوجه لمياه جزر الكناري للتنقيب عن النفط. واستغل وزير التجارة والطاقة الإسبانية منويل صوريا ظروف الأزمة الاقتصادية لينظم حملة جديدة لحشد الدعم السياسي و المدني و الشعبي للترخيص الذي جرى منحه في وجه الاعتراضات.

و بينما يجري البث في الاعتراضات الجديدة لرئيس الحكومة الجهوية للاقليم الكناري على الترخيص  الذي منحته حكومة ماريانو راخوي  لريبسول، يقول وزير التجارة  والطاقة الإسباني منويل صوريا إن ” التنقيب عن النفط بالمياه الإسبانية القريبة ب 60 كيلومتر من جزر الكناري قد يجري البدا في أشغالها في العام2014 “.

ويوظف الوزير الإسباني المعني بالقطاع  بدأ المغرب التنقيب عن النفط في مياهه المحاذية لجزر الكناري كما هو منتظر، لممارسة ضغط اكبر على باولينو ريبيرا رئيس حكومة الجزر الجهوية، ووصفه في اخر تصريحه له ب” بكونه ساذج وضحية  لوعد لم يتلزم به المغرب”،  كان تحدث عنه ريبيرا بعد عودته من زيارة إلى المغرب التقى فيها بالملك محمد السادس في 13 أبريل من العام الماضي،وأكد فيها أن ملك المغرب أبلغه ان بلاده لن تنقب عن النفط في هذه المنطقة.

المغرب في قلب معركة مدريد الداخلية والخارجية للتنقيب عن النفط في الأرخبيل

عادة ما يرتبط المغرب بشكل حاسم بملفات داخلية وخارجية بالسنبة إلى جاره الشمالي الإسباني،وذلك نتيجة الواقع المتشابك و المتداخل، والمتناقض في الوقت ذاته. فالبلدان الجاران تربطهما مصالح وخلافات لايمكن الفصل بينها احيانا، ويحضر المغرب في ملفات داخلية إسبانية كما خارجية بسبب هذا الوضع المركب في علاقة البلدين.

ولعل  ملف التنقيب عن النفط في جزر الكناري يعكس نموذجا للقضايا التي يحضر فيها المغرب ضمن الشان الداخلي وكذلك كشأن خارجي بالنسبة إلى إسبانيا.

ويعتبر ملف ترسيم الحدود المائية على الجبهة الأطلسية في العلاقة بين الرباط ومدريد، وبالضبط عند مشارف جزر الكناري واحدا من الملفات الخلافية التي تواجهها علاقات البلدين، و ترتبط ايضا بمعركة مدريد الخارجية بخصوص التنقيب عن النفط في المياه القريبة من الكناري  وهي المعركة التي يعتبر المغرب طرفها الخارجي.

وكان ملف التنقيب عن  النفط من قبل مدريد في مياه الأرخبيل الإسباني المحاذي  للمياه  المغربية على الواجهة الاطلسية،  قد بدأ مع الرئيس الأسبق خوسي ماريا أثنار  في العام 2001، حيث بادر إلى الترخيص لريبسول لمباشرة  التنقيب في تلك المنطقة.وقد واجه هذا القرار اعتراضا من المغرب  بحكم ان المياه الإقليمية للبلدين الجارين  في المنطقة لم يجر ترسيم الحدود بينها. وكان تحول الملف انذاك  إلى واحد من فتائل الأزمة التي عاشها البلدان الجاران على عهد أثنار وتوجت بازمة جزيرة ” تورة” التي كادت أن تسبب في مواجهة عسكرية بين المغرب وإسبانيا.

ويسعى البلدان في التنقيب عن النفط في مناطق قريبة من جزر الكناري لكن من دون الاقتراب من المياه التي جري ترسيم حدود البلدين فيها.

ويعود المغرب وهو يتهيئ لبدإ أشغال التنقيب عن النفط في المياه القريبة من جزر الكناري ، ليصبح مرة اخرى في قلب  المعركة الداخلية لمدريد مع حكومة جزر الكنار ي الجهوية بزعامة باولينو ريبيرا . وكان ريبيرا ضمن معركته الداخلية ضد حكومة مدريد سعى في توظيف المغرب في  اعتراضاته على التنقيب في مياه الارخبيل، إذ بعد عودته من زيارة له في 13 ابريل  2012 إلى المغرب، صرح لوسائل الإعلام الإسبانية ان الملك محمد السادس الذي كان استقبله في تلك الزيارة اكد له عدم وجود أي نية لدى المغرب في التنقيب عن النفط في مياهه الحدودية مع الكناري.

توظيف المغرب في هذه المعركة الداخلية بين حكومة مدريد المركزية وحكومة جزر الكناري الجهوية، تنتقل هذا المرة للطرف الثاني في هذه المعركة وهي حكومة ماريانو راخوي وضد باولينو ريبيرا  رئيس حكومة الارخبيل الجهوية، وذلك في عقب معرفة ان المغرب سوف يشرع في التنقيب عن النفط في مياهه الأطلسية القريبة من الكناري خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وسارع وزير التجارة والصناعة منويل صوريا  في  الحكومة الإسبانية إلى مهاجمة بولينو ريفبيرا واصفا إياه “بالساذج  وضحية موقف لم يلتزم به المغرب”.

 وعمد صوريا اليوم في تصريحات نقلتها عنه وسائل الإعلام الإسبانية بينها صحيفة إلموندو،  إلى السخرية من جديد من رئيس  الحكومة الجهوية للارخبيل  مشيرا إلى انه سوف “يتوجه بطلب اعتذار إلى المغرب” بسبب تدخل رييرا في شؤونه الداخلية في تلميح إلى تصريحاته عقب زيارته إلى الرباط في2012  وتحدث عقب عودته منها  عن ان المغرب أبلغه انه ليس لديه نويا في التنقيب عن النفط في المياه القريبة من الأرخبيل.  وهكذا يستمر المغرب طرفا داخليا ايضا في معركة التنقيب عن النفط بالقرب من الأرخبيل الكناري.

 

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password