قال المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي، إن مشروع قانون مالية 2021 يعد أضعف مشروع في تاريخ المغرب من ناحية الإجراءات الضريبية، إذ يصعب إيجاد قانون مالي أضعف منه، حيث لم يأت بشيء يذكر في هذا الجانب، سوى المساهمة التضامنية.
وأضاف أقصبي في مداخلة له خلال يوم دراسي نظمته مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن هذا المشروع وإضافة لكونه يفضل التوازنات الماكرواقتصادية على التوازنات الاجتماعية، فهو مشروع مازوشي يدخل البلاد في دهليز، ويجعلنا نسير من سيء إلى أسوأ.
وأوضح المحلل الاقتصادي أن جل الفرضيات التي بني عليها مشروع قانون المالية متجاوزة، وبالتالي فأسس المشروع مختلة، حيث اعتمد على نسبة نمو تبلغ 4.8 في المائة، كما بني على فرضية كبرى وهي أننا سنخرج من أزمة كورونا، كما أن شركاءنا وزبناءنا سيخرجون منها.
وأشار المتحدث في هذا السياق إلى أن السيناريو المتفائل للأزمة، يقول أن الإقلاع الاقتصادي الجديد لن يتأتى إلا في أواخر سنة 2021 أو 2022، في حين يوجد احتمال أسوأ يقول أن الأزمة ستستمر وسنعيش مرحلة طويلة من الركود.
كما أن من بين الفرضيات التي بنت عليها الحكومة مشروع قانون مالية 2021 إنتاجية الموسم الفلاحي، إذ يراهن المشروع على 70 مليون قنطار، وهذا الأمر يبقى رهينا بالتساقطات، حتى وإن كان غير مستحيل لكن مع مرور الأيام تتضح صعوبة الوصول إلى هذا الهدف.
وأكد أقصبي أن واضعي هذا المشروع لم يجتهدوا كثيرا، حيث اكتفوا بأخذ الخطاب الملكي لشهر غشت الذي تحدث عن خطة الإقلاع ووضعوه بنفس محاوره الثلاثة.
ولفت المحلل الاقتصادي إلى أن جل المقاولات التي تعاني اليوم مشكلها هو غياب الطلب، فحتى وإن أعطيت القروض للمقاولات السياحية مثلا إلا أن الزبناء غير موجودين والطلب قليل، وبالتالي لن تشكل عروض القروض أي إضافة لهذه المقاولات.
وبخصوص صندوق الاستثمار الذي رصدت له 45 مليارا، أشار أقصبي إلى أنه وإلى يومنا هذا لم تظهر منها سوى 15 مليار أخذتها الدولة من الميزانية ووضعتها بالصندوق، في حين لا يخبرنا أحد من أين ستأتي 30 مليار متبقية.
واقترح أقصبي تحويل جزء من الديون الداخلية إلى استثمار، عوض وضع وضع ما بين 50 و70 مليارا كخدمة دين داخلي في صناديق الأبناك وشركات التأمين وغيرها.
وتطرق المتحدث إلى مشروع تعميم التغطية الصحية، معتبرا أن هذا المشروع إذا ذهب إلى نهايته، واستطعنا في سنة 2026 أن نصل إلى أن كل السكان لديهم تغطية صحية وتعويض عائلي وتعويض عن البطالة والتقاعد، فهذا سيكون إنجاز العهد الجديد، لكن يظل السؤال الكبير هو كيف؟
وأوضح أقصبي أن 14 إلى 15 مليون مغربي فقط لديهم التغطية الصحية، ما يعني أن 22 مليون مغرب، أي ثلثي المغاربة، معنيون بهذا المشروع، وهؤلاء المغاربة هم الذين لا يتوفرون على إمكانيات، لأن من لديهم إمكانيات يتوفرون على تغطية.
ومادامت الفئة المعنية هي التي لا تتوفر على الإمكانيات فإن هذا يعني من الناحية المالية أن على الدولة أن تتحمل القسط الأكبر، لأنه إذا كانت هناك رغبة حقيقية للتعميم فلا يمكن أن نطلب من شخص يتصارع يوميا مع قوت عيشه المساهمة بنصف الواجبات مثلا.
وشدد أقصبي أن الحل لدى المغرب هو القيام بإصلاح ضريبي حقيقي، يعتمد على ضريبة على الدخل تصاعدية، على المداخيل العليا، إضافة إلى ضريبة على الثروات الكبرى، فهذه هي الإصلاحات التي نحن في حاجة إليها، ومشروع قانون المالية حتى وإن كان طموحا فلا يمكن أن يكون ذا مصداقية ما لم ترافقه إمكانيات تمويل دائمة وذاتية، بدل اللجوء إلى الدين، والوسيلة الوحيدة التي ستوفر الإمكانية في المغرب هي الإصلاح الضريبي.