“التشيع يدق باب اسبانيا ويستهدف الجالية المغربية” عنوان القلق الذي يسود وسط الدولة الإسبانية التي لا ترى بعين الارتياح رهان إيران على اسبانيا لنشر مذهبها وخاصة وسط جالية مسلمة مثل المغرب تفتقد نسبيا للتأطير الديني.
في هذا الصدد، نشرت جريدة كونفدنسيال الإسبانية مؤخرا مقالا بعنوان “إيران تشتري مدرسة قديمة في مدريد لنشر المذهب الشيعي”. ويفيد المقال بافتتاح مؤسسة آل البيت مدرسة في العاصمة مدريد عبر غلاف جمعية مدنية لتفادي الانتقادات. وتؤكد، وفق مصادر تابعة للمخابرات الإسبانية، ارتباط هذه المؤسسة الجديدة بدولة إيران وفي الوقت ذاته بمخطط نشر المذهب الشيعي في اسبانيا، وتؤكد تمويل إيران لخلق الجمعية وشراء المقر.
ويقول يوسف فيرنانديث أحد مسؤولي الجمعية التي افتتحها السفير الإيراني يوم 28 فبراير الماضي “هدفنا هو تحويل المؤسسة الى أكبر مرجع للإسلام في اسبانيا وبدون إقصاء أي أحد”، في الوقت ذاته، ينفي تمويل إيران الجمعية بل مساهمات من طرف مهاجرين مغاربة وسوريين وعراقيين.
الجريدة تؤكد رهان مختلف التيارات الإسلامية على اسبانيا بفضل ارتفاع نسبة المسلمين في هذا البلد الأوروبي، حيث يتجاوز عددهم المليون ونصف، وفق إحصائيات حديثة. ومما يزيد من أهمية الجالية المسلمة في اسبانيا هو غياب تأطير ديني من طرف مؤسسات رسمية بل يبقى المجال مفتوحا أمام مؤسسات خاصة تقف وراءها دول مثل العربية السعودية والمغرب ومؤخرا إيران.
وتعتبر اسبانيا من الدول التي تشهد أقل نسبة من التشيع بحكم أن الغالبية المسلمة هي من دول المغرب العربي ودول الساحل وغرب إفريقيا، ويتعلق الأمر بمسلمين من السنة يعتنقون في الغالب المذهب المالكي. وكانت أولى محاولات نشر المذهب الشيعي قد تمت في الثمانينات والتسعينات في مدينة برشلونة عبر جمعية طلابية مغربية لكن تأثيرها كان محدودا بحكم أن معظم أفرادها غادروا اسبانيا نحو المغرب أو نحو المشرق أو دول أوروبية أخرى.
وراهنت المؤسسة الجديدة التابعة لآل البيت على استقطاب أسماء معروفة في الحقل الإسلامي في اسبانيا عبر التعاقد معها والعمل على استقطابها، وأغلب هذه الأسماء هي مغربية. وكانت الاستراتيجية نفسها قد نهجتها مؤسسة آل البيت في بلجيكا، حيث ارتفع عدد الشيعة المغاربة بشكل ملفت خلال العقد الأخير.
ومما يساهم في الارتفاع التدريجي للشيعة في اسبانيا هو هجرة الكثير من العراقيين الى اسبانيا بعد الحرب الأمريكية-البريطانية ضد العراق سنة 2003، حيث أقاموا مشاريع وتزوجوا من مغربيات.
وعلاوة على التزوج والتعاقد، مما يساهم في استقطاب المغاربة للمذهب الشيعي هو وجود تقاليد شيعية في ممارسات المغاربة الدينية خاصة في الاحتفال بالعيد النبوي وعاشوراء.
وكانت اسبانيا حتى الأمس القريب مسرحا للتنافس بين السنة، المذهب المالكي الذي يمثله المغرب والمذهب الوهابي السعودي. وبينما يفتقر المغرب للموارد المالية لفتح مساجد ومراكز، قامت السعودية بإنشاء مراكز قوية، والآن ينضاف المذهب الشيعي، لتصبح اسبانيا مثل باقي الدول مسرحا للتنافس بين مختلف التيارات الدينية الإسلامية.