يعتبر المغرب من الدول التي تخضع لمراقبة ضعيفة من طرف وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA، وقد لا يتجاوز عدد المكالمات التي ترصدها هذه الوكالة الضخمة في المغرب أكثر من عشرة ملايين في أقصى الحالات شهريا. ويخضع المغرب لمراقبة أقل من اسبانيا والجزائر في دول الجوار، وذلك لأسباب اقتصادية وسياسية وعلمية.
ونشرت جريدة لوموند الفرنسية وذي غارديان البريطانية التي كانت سباقة الى تفجير هذا الملف بفضل صحفيها غلين غلينويلد خريطة تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية على دول العالم، والخريطة هي من إنجاز هذه الوكالة وسربها الموظف إدوارد سنودن الذي هرب الى الصين في يونيو وفجر أكبر فضيحة تجسس في التاريخ قبل لجوءه الى روسيا.
ومن خلال قراءة الخريطة، يتبين أن المغرب تم تلوينه باللون الأخضر الغامق مثل البرتغال والدول الاسكندنافية وبعض دول أمريكا الجنوبية وبريطانيا وأستراليا ومعظم الدول الإفريقية. وهذا اللون يدل على أن المغرب لا يوجد ضمن الأهداف الرئيسية للوكالة المذكورة. لكن اللون الأخضر الغامق في هذه الحالة يعكس مفاهيم مختلفة، فدول مثل بريطانيا وأستراليا وكندا تتعرض لتجسس خفيف لأنها في “حلف مقدس” مع الولايات المتحدة وخاصة عضويتها فيما يعرف ببرنامج إيشلون، وهو من أكبر برامج التجسس في العالم، بينما باقي الدول لا تشكل أهمية تذكر.
ومن باب المقارنة، ووفق الأحصائيات والبيانات التي كشف عنها إدوارد سنودن يمكن استخلاص أن عمليات تسجيل المكالمات الهاتفية في المغرب لا تتعدى عشرة ملايين مكالمة شهريا في أقصى الحالات وقد تكون اقل بكثير. وبهذا، تخضع الوكالة المغرب لتجسس أقل درجة مقارنة مع دول محيطه مثل الجزائر واسبانيا وفرنسا وإيطاليا، حيث يتم تسجيل أكثر من 60 مليون مكالمة شهريا.
ومن التفسيرات التي تجعل وكالة الأمن القومي الأمريكية لا تعير اهتماما كبيرا للمغرب في عملها التجسسي هو اعتبار المغرب بالدولة غير الفاعلة بشكل قوي في الساحة الدولية، إذ لا تعتبر قوة إقليمية، كما لا يتبنى المغرب سياسة خارجية متعارضة مع مصالح الولايات المتحدة عكس ما يحدث في بعض الأحيان من دول مثل الجزائر أو فرنسا في حالة دول محيط المغرب.
وفي الوقت ذاته، لا يتوفر المغرب على طموحات علمية تجعل مه هدفا للتجسس العلمي والاقتصادي كما يحدث مع بعض الدول الصاعدة مثل البرازيل وإيران.
والمقاييس الرئيسية التي تنهجها وكالة الأمن القومي في التجسس هو أهمية الدولة من الناحية السياسية وطموحاتها جيوسياسية وقوتها الاقتصادية ومخططاتها العلمية والأخطار الأمنية مثل الإرهاب ومدى تعارض أو توافق ذلك مع المصالح الأمريكية.