يبدي الاتحاد الأوروبي قلقا من تزايد الأزمة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر حيث تؤثر على مشاريع الاتحاد الأوروبي في الملفات الأمنية مثل الهجرة ومكافحة الإرهاب. وهو القلق نفسه الذي يسيطر على واشنطن التي تعتقد أن هذه الأزمة قد تؤثر على مخططاتها لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل جنوب الصحراء.
وعلاقة بالولايات المتحدة، نقلت وكالة أشوسايشد برس هذه الأيام أن واشنطن قلقة من تدهور العلاقات المغربية-الجزائرية لأن ذلك ينعكس سلبا على مخططاتها في مكافحة الإرهاب في منطقة دول الساحل من موريتانيا الى تشاد مرورا بمالي. ويعود هذا القلق الى اعتبار أن الجزائر والمغرب هما البلدان المؤهلان أمنيا ولوجيستيا لمشاركة فعالة في مكافحة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سيزور المغرب والجزائر خلال الأيام الماضية لمعالجة ملفات وعلى رأسها التعاون ضد الإرهاب ومحاولة إصلاح العلاقات بين البلدين، إلا أنه أجل زيارته لأسباب تتعلق بمباحثات الملف النووي الإيراني في جنيف.
والقلق الأمني الأمريكي من تدهور العلاقات المغربية-الجزائرية مضاعف في حالة الاتحاد الأوروبي لأنه يمتد علاوة على ما هو أمني الى ما هو سياسي. في هذا الصدد، كشفت مصادر من الاتحاد الأوروبي لجريدة القدس العربي أن التعاون بين المفوضية الأوروبية ودول المغرب العربي يتبخر وأصبح التركيز فقط على إيجاد توازن في التعاون لتفادي إغضاب المغرب والجزائر وحتى لا يتم اتهام أوروبا بالميل لهذا البلد أو ذاك.
وتبرز هذه المصادر أن الاتحاد الأوروبي بسبب إعادة صياغة رؤية جديدة لمواجهة الهجرة السرية بعد ارتفاع قوارب الهجرة في سواحل إيطاليا وعودة هذه القوارب في مضيق جبل طارق، فمن جهة، هناك غياب مخاطب قوي في ليبيا وتونس بسبب الأزمة السياسية التي يمر منها البلدان، ومن جهة أخرى الأزمة المغربية-الجزائرية تجعل الحوار صعبا نظرا لصعوبة الجمع بين البلدين كل مرة”.
المصادر نفسهاـ تشير الى امتداد هذه الأزمة الى مشاريع التعاون حول مختلف القطاعات مثل الطاقة وتعزيز الحوار السياسي، إذ تمتلك الجزائر رؤية معينة وتريد أن تكون المخاطب الرئيسي وبدوره يمتلك المغرب رؤية ويرغب في أن يكون المخاطب الرئيسي.
وإذا كان الربيع العربي قد عطّل من التعاون بين الاتحاد الأوروبي والدول العربية وخاصة التي توجد في شمال إفريقيا انطلاقا من المغرب الى مصر، فالأزمة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر تزيد من صعوبة هذا التعاون.
وعمليا، تحول البرلمان الأوروبي الى ساحة مواجهة بين المغرب من جهة وجبهة البوليساريو بدعم من الجزائر من جهة أخرى حول بعض الاتفاقيات ومنها اتفاقية الصيد البحري وملفات حقوق الإنسان المرتبطة بنزاع الصحراء.
وتجري هذه التطورات في وقت لم يحقق فيه لا المغرب ولا الجزائر قفزة نوعية في العلاقات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي. واعترف وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار منذ أيام بتراجع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وبدورها تمر العلاقات الأوروبية-الجزائرية ببرودة بسبب بعض ملاحظات أوروبا على السير السياسي في هذا البلد المغاربي.