تنشر الصحافة المغربية بين الحين والآخر أخبارا تعتبر زائفة مثلما حدث مع خبر منح الجنسية الإسبانية للمغاربة إذا ما اعتنقوا المسيحية، وكذلك التغليط في التقرير الأوروبي حول الصحراء علاوة على مقال سابق لمجلة فوربس الأمريكية تعتبر أن الدار البيضاء ستصبح قطبا عالميا وخاصة إفريقيا.
خرافة الجنسية مقابل اعتناق المسيحية في اسبانيا
ونشرت الصحف المغربية الورقية والرقمية أمس واليوم خبرا يتحدث عن اتفاقية بين وزارة العدل الإسبانية ومجلس الكنيسة الإسباني ينص على منح الجنسية الإسبانية للمهاجرين ومنهم المغاربة الذين يعتنقون المسيحية.
والواقع أن الخبر نشرته جريدة رقمية متخصصة في الأخبار الزائفة من باب الترفيه التي تقدم أخبار ما يسمى “بالسياسة السوريالية”. ومن ضمن الأخبار التي نشرتها اليوم أن شركة “راينير” للطيران ستعبر مؤخرة المسافرين وستحدد سعر التذكرة وأن اسبانيا أنشأت سجنا من خمسة نجوم وقد تم الحجز الى سنة 2019، في سخرية من السياسيين الذين ستتم محاكمتهم بسبب الفساد.
وغاب عن الصحفيين المغاربة الذين نشروا الخبر أن كل تعديل في قانون الحصول على الجنسية يجب أن يقدم للبرلمان للتصويت عليه ولا يمكن ربط الجنسية الدين نهائيا.
ماكياج إعلامي لتقرير البرلمان الأوروبي
الخبر الثاني الذي تناولته الكثير من المنابر الصحفية المغربية ومنها الرقمية تقرير البرلمان الأوروبي حول الصحراء الصادر الأسبوع الماضي. ويعتبر التقرير من أسوأ التقارير التي صدرت عن هذه المؤسسة التشريعية الأوروبية ضد المغرب. وبدل أن يطلع بعض الصحفيين على مضمون التقرير، اكتفوا بالرواية الرسمية التي قدمته على أساس أنه انتصار للمغرب.
في هذا الصدد، نتساءل: هل اعترف المغرب بمغربية الصحراء؟ بطبيعة الحال لا بل دعا الى تقرير المصير وإخضاع الصحراء لما يفترض “تصفية الاستعمار”. ونتساءل: هل صادق التقرير على اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي: بطبيعة الحال لا، بل تعرب مدريد عن قلقها من احتمال رفض الاتفاقية. ونتساءل: هل ذكر التقرير مقترح الحكم الذاتي: لا وجود لهذه الكلمة في التقرير. ونستمر في التساؤل: هل أدان التقرير المغرب في مجال حقوق الإنسان: نعم، لقد أدان التقرير المغرب بل وطالب في فتح تحقيق دولي في رفات الصحراويين الذين جرى العثور على هياكلهم العظمية مؤخرا. ونتساءل: لماذا قدمت الصحف وخاصة الرقمية منها معلومات مخالفة للواقع؟ الوطنية لا تعني حجب الواقع بل تقديم كل المعلومات الواقعية لمعرفة حقيقة الملف واتخاذ الإجراءات الرامية للدفاع عنه.
خرافة الدار البيضاء قطبا اقتصاديا عالميا
ومنذ أسبوعين، ركزت الصحافة المغربية ومنها الرقمية على مقال صحفي مختص في نجوم رجال الأعمال، كتبت في فوربس أن الدار البيضاء “كازابلانكا فينانس سيتي” ستتحول الى مركز عالمي وخاصة للأفارقة مستقبلا.
وهذا المقال وقعه الصحفي Mfonobong Nsehe، يتعاون مع فوربس وينشر مقالات حول رجال الأعمال الأفارقة على شاكلة مقالات النجوم، وبالتالي فمقاله يفتقر لأدنى معايير التحليل الاقتصادي القائم على ما هو علمي. ورغم ذلك، فقد لقي رواجا كبيرا في الصحافة المغربية التي لم تكلف نفسها البحث عن موقع المقال ومدى استجابته للمعايير المهنية، وكيف يمكن أن يكتب مقالا من هذا النوع عن مشروع لم يرى بعد النور.
ومن ضمن المعطيات الأكثر إثارة للجدل في المقال أن “ثلاثة آلاف شركة دولية تتواجد في الدار البيضاء تنتظر الفرص للاستثمار في دول الساحل الإفريقي”، متناسيا أن دول الساحل الإفريقي فقيرة ودخلها لا يتعدى سنويا 300 دولار، وتعيش صراعات إثنية وسياسية وسكانيا محدودة للغاية بل حتى أن فرنسا ذات النفوذ بدأت، وفق جريدة لوموند في ملحقها جيوبولتيك في بداية الشهر بدأت تركز على إفريقيا الأنجلوسكسونية لأن اقتصادياتها ذات دينامية قوية بينما إفريقيا الفرنكفونية، معقل النفوذ الفرنسي، ضعيفة اقتصاديا وسياسيا.
كما أن تقرير مؤسسة ماكنزي الشهيرة نشرت هذه الأيام تؤكد أن مدينة الدار البيضاء لا يمكن نهائيا أن تصبح قطبا عالميا اقتصاديا لأنها تفتقر للكثير من الشروط.
هذه أمثلة لمقالات وأخبار تنشرها الصحافة المغربية بدون تمحيص وتساهم في تغليط الرأي العام، والأخطر أنه لا يتم نهائيا تصحيحها لاحقا.