جرى تسريب معظم ملفات تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكي على العالم وآخر فصول هذا الملف هو الاحتجاج الفرنسي على الولايات المتحدة بعدما نشرت جريدة لوموند ملفا حول التجسس الذي تعرض له سياسيون ومواطنون فرنسيون. ويبقى المثير هو عدم تسرب وثائق حول تجسس هذه الوكالة على الصين وروسيا، رغم أن البلدين يعتبران الهدف الرئيسي لواشنطن في الوقت الراهن لما يشكلانه من تهديد لنفوذ الولايات المتحدة مستقبلا.
ويعيش العالم بعض الحين والآخر على فضائح التجسس الأمريكي على العالم منذ قيام موظف وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن في يونيو الماضي بالكشف عن أكبر عمليات التجسس التي تنفذها وكالة الأمن القومي ضد العالم من خلال برنامج اسمه بريزم. وتورطت شركات أمريكية مثل ميكروسوفت وغوغول وفايسبوك ضمن أخرى في تزويد وكالة الأمن القومي بمعطيات حول زبنائها.
ونشرت جريدة ذي غارديان وقتها ملفات حول التجسس على دول مثل الهند والبرازيل والمانيا والمكسيك وفنزويلا وإيران وأخيرا ما نشرته لوموند هذا الأسبوع. وتسبب نشر هذه المعطيات في حرج حقيقي للولايات المتحدة. في هذا الصدد، تدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما شخصيا لمحاولة إطفاء التوتر كما فعل أمس مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولند،
وأقدمت رئيسة البرازيل ديلما روسيف الشهر الماضي على تجميد زيارتها الى واشنطن احتجاجا على التجسس. واستدعت عدد من الدول السفير الأمريكي المعتمد لديها لتقديم احتجاجات.
ووسط كل هذه التطورات لم تتسرب أخبار حول المعطيات الخاصة بتجسس الوكالة الأمن القومي على كل من الصين وروسيا، وغياب مثل هذه المعطيات يطرح الكثير من التساؤل. وشاءت الصدف أن إدوارد سنودن الذي سرب ملفات الوكالة حول تجسسها على العالم نزل في هونغ كونغ كمرحلة أولى عندما كشف عن برنامج التجسس ثم انتقل الى روسيا للحصول على اللجوء السياسي.
وعدم تسرب معطيات حول تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكي على البلدين الى الصحافة العالمية يثير الكثير من الاستغراب بحكم أن الصين وروسيا يعتبران من أهم الأهداف الأمريكية نظرا لما يشكلانه من تهديد جيوسياسي للنفوذ الأمريكي في العالم.
وأمام هذا الوضع هناك احتمالان: الأول يويتجلى في عدم استبعاد عقد سنودن صفقة مع كل من بكين وموسكو بعدم تسريب أخبار حول تجسس وكالة الأمن القومي عنهما.
وفي الوقت ذاته، لا يمكن استبعاد أن الصين روسيا لهما من التقنيات المتقدمة لمواجهة التجسس الأمريكي. فالصين تمنع عدد من الشركات مثل الفايسبوك وجيمايل وآبل وسكايب، حيث يضطر الصينيون الى استعمال بريد إلكتروني محلي، كما تتوفر روسيا على تقنية مماثلة ولكنها تتسامح مع استعمال شركات أمريكية مثل جيمايل.
وكانت موسكو قد درست منذ سنتين منع شركات مثل هوتميل وسكايب وجيمايل من التواجد في روسيا ولكنها يبدو أنها تخلت عن القرار وفضلت استعمال راقبة متطورة لمنعها من التجسس.