كرست الحكومة الجديدة التي جرى تشكيلها رسميا ابتداء من مساء الخميس 10 أكتوبر 2013 تقليدا نهجته الحكومات السابقة وبقبول من الدولة العميقة ويتجلى في عدم استوزار شخصيات بارزة من الصحراء ومن الجالية المغربية، رغم وزنهما السياسي والاقتصادي علاوة على خطاب الاهتمام بهما ضمن استراتيجية البلاد.
ورغم الرفع المثير من عدد الوزارات في الحكومة الثانية لعبد الإله ابن كيران وعددها 39 وزيرا، تغيب أسماء صحراوية عن الحكومة الحالية باستثناء وزيرة منتذبة في الخارجية وهي مباركة بوعيدة والتي تنتمي الى منطقة كلميم غير المتنازع عليها وليس الى الصحراء التي جرى استعادتها في السبعينات وتستمر محل صراع دولي.
وغياب وزراء مغاربة صحراويين يثير الكثير من التساؤلات حول منطقة تشكل 37% من مساحة المغرب وكذلك حول مفهوم الإدماج السياسي. وأمام الصراع حول السيادة على الصحراء في المنتديات الدولية، يفرض المنطق على المغرب إعطاء مثال بإدماج الصحراويين في هياكل الدولة ولاسيما الوزارات في إشارة منه الى تطبيق إدماج عملي حقيقي ، ولكن هذا لم يحدث. فقد غاب الصحراويون عن الحكومة الجديدة لابن كيران، كما غاب الصحراويون عن حكومته السابقة، كما غابوا في حكومة عباس الفاسي باستثناء كاتب الدولة في الخارجية أحمد لخريف الذي انتهى بطرده أكثر من إعفاءه منذ سنوات.
وفي الوقت ذاته، تستمر الحكومات في تهميش الجالية المغربية إذ لم يتم اختيار حتى الوزير المنتذب في الهجرة من الجالية رغم توفرها على كفاءات وطاقة، ورغم أنها تتجاوز خمسة ملايين وتساهم بأكثر من 12% من الناتج الإجمالي للبلاد بفضل التحويلات المالية ورغم أن ناشط حقوقي أو سياسي من الهجرة سيكون أدرى بملفات الهجرة بدل اختيار وزير لا يفقه الكثير في هذا الشأن.
وهذا التهميش يعود الى عاملين أساسيين أمني وسياسي:
وعلاقة بالعامل الأمني، تستمر الدولة المغربية وخاصة الأجهزة في التحفظ على استوزار أفراد من الجالية، وتعتبر أنه لا يمكن تولي مغربي منصب وزارة وهو يقيم في الخارج ويحمل جنسية البلد الآخر. وعلاقة بالصحراء، يعتبر اختيار سياسي مغربي من الصحراء لمنصب وزارة عملا شائكا. وحصلت ألف بوست على التفسيرات التالية: مسؤول سابق في الدولة العميقة يقول “هذا أمر سياسي يخص الأحزاب”، ومسؤول من حزب مغربي يؤكد “ترشيح صحراوي يعتبر عملا شائكا مضاعفا ويجب التفاوض مع الدولة أكثر مقارنة مع سياسي مغربي من باقي مناطق المغرب. وفي سؤال لعدد من الصحراويين، يكون الجواب “النظام لا يثق فينا، ولنتذكر ما فعلوا للأحمد الخريف بطرده وزارة كتابة الدولة في الخارجية”.
ويتجلى العامل السياسي في ضعف تواجد الأحزاب المغربية في الصحراء ووسط الجالية المغربية في الخارج. وعلاقة بالخارج، فالحركات السياسية التي لا تعمل في المؤسسات مثل النهج الديمقراطي والعدل والإحسان لديها تواجد أكثر بكثير من باقي الأحزاب باستثناء حزب الاتحاد الاشتراكي الذي له تواجد تاريخي في أوروبا، وفشل العدالة والتنمية في إحداث فروع له ويحاول حزب الأصالة والمعاصرة التوفر على فروع في العواصم الكبرى مثل مدريد وباريس وبروكسيل.