اعتبرت السلطات المخزنية أن علي أنوزلا يشكل خطرا عليها ويرهبها لأنه نشر عبر جريدته الالكترونية لكم شريطا منقولا عن يوتوب منسوبا الى تنظيم القاعدة، وأقدمت على اعتقاله وتعريضه للبحث بواسطة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وتحيط بهذا الموضوع تساؤلات وملابسات لابد من طرحها قصد خدمة الحقيقة، وحسن تطبيق العدالة.
لاشك أن الشريط سبق نشره في يوتوب، وهو المصدر الأول، وعلى فرض أن المتابعة القضائية في نظر السلطة المخزنية ضرورية فالمشكلة هي البداية، من أين ستبدأ المتابعة ؟هل من الناشر الأول؟ أم من الناقل؟ وتوسيع المتابعات إلى جميع الناقلين للشريط بالداخل والخارج لخلق زوبعة ودوامة لا تنتهي ؟لاشك أن يد تلك السلطة لاتطول الى يوتوبYoutube لكونه مؤسسة عالمية وقوية، ومتابعة جريدة الباييس EL PAISالاسبانية سوف يكلف مصاريف الدعوى من جيوب الشعب الفقير،ومزيدا من تأزيم العلاقات مع الصحافة الإسبانية.فبدأت المتابعة من الجانب الضعيف وهو الصحافي المغربي المستقل الذي لايحميه غير شجاعته والإيمان بمهنته، والقراء والكتاب الذين ينشرون انتاجاتهم في موقع لكم،وقادم من مدينة صحراوية هي كلميم التي لايبرز منها الصحافي إلا إذا تحدى شقاء الصحراء والفقر، وكان محظوظا وعبقريا، ومن نوع خاص، نظرا لكون كلميم عاصمة قبائل تكنه Tekna لايوجد بها معهد للصحافة ولا حتى مطابع الصحف، مما يجعل أنوزلا نجما قادما من رمال الصحراء، ويجرح التحريض ضده شعور كل صحراوي يعرف معنى هذا الكلام.
ومن جهة أخرى تدعي وسائل إعلام السلطة وبلاغ النيابة العامة بأن الذنب المنسوب لأنوزلا يتعلق فقط بنشر الشريط المذكور، وهي تهمة بسيطة لاتتطلب إحالة الملف على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي تحقق في الجرائم الكبرى والعصابات الإجرامية،وتأخير تقديمه إلى النيابة العامة لعدة أيام لا تلائم نوع التهمة، وكان يكفي أن يتكلف ضابط شرطة عادي بتحرير محضر استماع لا يتطلب أكثر من نصف ساعة ويغلق الملف ويحيله على النيابة العامة، لأن وسيلة الإثبات محدودة في النشر، ولا تصل إلى مستوى الاعتقال.
أما وقد أصبح الأمر متضخما أكثر من ذلك وخرجت فيه النيابة العامة عن عادتها بنشر بلاغ عن الاعتقال وهي نادرا ماتصدر البلاغات، فهناك إذن أمور أخرى ينتظر أن تنكشف عندما يحين أوانها.
أحمد الدغرني محامي، حقوقي ومن أبرز المدافعين عن الأمازيغية
وهل كان من العادي أن تتعبأ أحزاب مثل حزب الاستقلال، والحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية، والتجمع الوطني للأحرار لتحرض ضد علي أنوزلا وهو لايزال في مرحلة البحث؟ ألاتخجل تلك الأحزاب غدا إذا لم يثبت أي جرم في حقه أمام القضاء؟ ألا تحترم مهمة البحث التي تسيرها النيابة العامة؟ نية تلك الأحزاب ومن شابهها من الذين يقومون بالتحريض وحتى السب والقذف بواسطة الجرائد في حق علي أنوزلا هي أن تصادر البحث القضائي، وتكشف عن نوايا انتقامية وسياسية ضد صحافي مستقل، تنافسه صحفهم وجرائدهم التي تتلقى الدعم والتمويل العمومي ، ولاتصل الى مستوى الصحافة المستقلة، ولا تكسب أنواع القراء والكتاب الذين يقرأون جريدة لكم ، ويكتبون لها متطوعين.
والتحريض الذي يقوم به صحافيون موالون للمخزن عبر وسائل الإعلام العمومية يجرح شعور قراء الجريدة الالكترونية وكتابها، ويسئ إليهم، وينشر الخوف والرعب في صفوف الصحافيين والصحافيات المستقلين وهو أخطر من رعب الإرهابيين.
ومن جهة أخرى فان حسابات التنظيمات السلفية ودعاة الثورات الإسلامية مع المخزن طويلة ومعقدة ،لايمكن حسمها ولا تصفيتها على حساب على أنوزلا وحده، وهو صحافي يعرفه الناس ليبراليا ،وديمقراطيا وحداثيا في سلوكه الشخصي وعلاقاته مع الآخرين وحياته اليومية، وقد كتب مآت المقالات ونشرها ولم يسبق له أن انتمى إلى أي مجموعة توصف بالإرهاب، ولاحتى ان قام بتأييد جناح من أنصار الثورات الإسلامية، مما يؤكد أن اعتقاله يتعلق بالنشر والتعبير عن الرأي فقط، وهوماسيناقشه القضاء .
وهذا التحريض المطبوخ والمشتعل ضد الصحافي أثناء التحقيق داخل الأحزاب والمغرضين ،وحتى من أعضاء في الحكومة، هو فضيحة أخلاقية وسياسية من الذين لم يجدوا قبل نشر شريط القاعدة مبررا للانتقام من جريدة لكم، فظنوا أنهم وجدوا الفرصة سانحة، وأيضا هي دليل على ظنهم أن القضاء سيتأثر بدعاياتهم ويحكم بإدانة الصحافي وسجنه كما يريدون، ويفضحون أنهم لايؤمنون بكفاية دور المحققين والقضاة ، ويكملون مهمتهم بالدعاية والتحريض.
وعلى كل إنسان نزيه من المحققين والنيابة العامة والقضاء أن يبعدوا صحافة التحريض وبلاغات أحزاب التحريض عن البحث، وأن يزنوا الأمور بناء على ماهو أصلح، هل وضع أنوزلا في السجن وخلق زوبعة وصدمة جديدة في قلوب محبي وأنصار حرية التعبير والصحافة الحرة؟ أم طي الملف في رفوف النسيان، وإطلاق سراحه وجعله من هفوات الأمور؟ كل هذا علما بأن أجواء الركوب السيئ على الملف قد بدأت من طرف من يتقربون الى المخزن بقمع الصحافة، وقد خابوا وانتكسوا في كثير مما قاموا به في الماضي، وأيضا الركوب من طرف منتهزي الأزمات التي تصيب الأبرياء للبس ألبسة المدافعين عن المظلومين، وهم في صف الظالمين الانتهازيين في قضايا الرشوة واستغلال النفوذ ونهب الأموال العامة…
ويبقى التساؤل المحير ماهو السبب الحقيقي لاعتقال علي أنوزلا؟
ولمقاربة الجواب المحتمل فان كتابات صحفية تطرح كشف فضيحة دانيال كالفان من طرف جريدة لكم، وآخرون يثيرون زيارة علي أنوزلا لمخيمات تيندوف، ومقالات سابقة نشرها تنتقد محيط الملك وشخصه، وانتقاداته ضد عجز المخزن عن تشكيل حكومة جديدة منذ ما يقارب أربعة شهور، وإذا اعتمدنا على هذه الأسباب فان الاعتقال ناتج عن الانتقام، وإذا افترضنا صحة تهمة نشر شريط القاعدة وحدها فإن بساطة القضية لاتبرر كل الدعاية التي تعبأت لها الأجهزة المخزنية، ونضيف احتمالين أخيرين وهما
1-أن جريدة لكم حسب عدد قرائها وكتابها تعتبر منافسا قويا لصحافة السلطة وأحزابها وتهددها في توجيه الرأي العام وتسعى إلى مضايقتها وربما منعها في أسوأ الأحوال
2- إن منافسة الصحافة الالكترونية الحرة مثل لكم ،وهسبريس لصحافة تلميع السلطة المخزنية التي تكلف بها أشخاص معروفون في محيط القصر الملكي تهدد الصحافة الحرة بعزلهم عن وظائفهم لفشلهم في مجال استقطاب الرأي العام، وهم وراء تعقب الصحافيين وقمعهم لكي يستمروا في وظائفهم.