في تطور ملفت، حققت تركيا قفزة نوعية في عالم الصناعة العسكرية بعدما قررت أندونيسيا شراء فرقاطتين من نوع MILGEM Istif بقيمة تقارب مليار دولار من إنتاج تركي خالص. وبهذا تنتقل تركيا من تصنيع وبيع الطائرات المسيرة الى العتاد العسكري الثقيل مثل الفرقاطات التي يتقصر تصنيعها على دول محدودة متقدمة مثل الولايات المتحدة والصين وفرنسا وألمانيا.
في هذا الصدد، أعلنت جمعية صناعة الدفاع التركية (SSB) منذ أيام على هامش معرض الدفاع IDEF 2025 في إسطنبول ما بين 22 و29 يوليوز الجاري أن شركة بناء السفن التركية TAIS قد وقعت عقدًا مع وزارة الدفاع الإندونيسية لتسليم سفينتين من فئة الفرقاطات MILGEM Istif. وجرى توقيع الاتفاق بحضور رئيس صناعة الدفاع التركي، مما يمثل إنجازًا تاريخيًا كأول تصدير لفرقاطات فئة MILGEM من تركيا إلى دولة أجنبية وهي إندونيسيا.
وعمليا، تم صناعة هذه الفرقاطات في البدء بهدف تحديث البحرية التركية، وتتميز بأن أكثر من 90% من أنظمتها وطنية الصنع، وهذا يمنح ميزة كبيرة وهو الاستقلالية التكنولوجية في مجال التسليح والأنظمة، ويعني تفادي العراقيل خلال عمليات التصدير مستقبلا. إذ أن بعض الدول تستعمل في تصنيع أسلحتها مكونات وتكنولوجيا منتجة من طرف دولة ثالثة، وقد تتعرض للفيتو خلال التصدير. وآخر مثال في هذا الشأن هو اعتراض واشنطن على تصدير السويد للمقاتلة غربين التي تنتجها الى كولومبيا لأنها تتوفر على معدات أمريكية.
تمثل فئة Istif من MILGEM قمة التطور في مجال السفن الحربية التركية. وتطورت فئة Istif (الفئة I) من برنامج MILGEM (السفينة الوطنية)، الذي بدأ في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وهي فرقاطة متعددة الوظائف من الجيل الجديد مصممة لتلبية المتطلبات التشغيلية للبحريات الحديثة في أعالي البحار.
وتحمل هذه الصفقة دلالات رمزية جيوسياسية كبيرة. وعلاقة بتركيا، فإنها تنتقل الى مستوى آخر في صناعتها الحربية، فقد اشتهرت بصناعة الطائرات المسيرة من نوع بيرقدار بي 2 التي تتهافت عليها الدول، وأنظمة اتصالات متطورة ثم مدرعات، والآن تنتقل الى الفرقاطات في أفق صناعة مقاتلتها المقبلة وهي “كآن” (Kaan)، وهي مقاتلة شبحية من الجيل الخامس تطورها شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية (توساش – TUSAŞ). وبهذا، تلتحق تركيا بالنادي الصغير للدول التي تصنع الفرقاطات الحربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا والصين والمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وإسبانيا.
وعلاقة بإندونيسيا، ووفق الموقع العسكري غلاكسيا ميليتاري، يعتبر شرائها لهذه الفرقاطات خطوة استراتيجية في برنامجها لتحديث البحرية الحربية، حيث ستوفر لها منصة متطورة قادرة على بسط نفوذها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ويشمل العقد إمكانية التعاون الصناعي ونقل التكنولوجيا، مما يدعم هدف جاكرتا في تطوير قطاع بناء السفن الوطني.
وهكذا، لا تعزز هذه الصادرات مكانة تركيا كلاعب ناشئ في سوق الدفاع العالمي فحسب، بل تعمق أيضًا العلاقات الثنائية في مجال الدفاع بين أنقرة وجاكرتا، خاصة بعدما قررت أندونيسيا الانضمام الى دعم تركيا في صناعة مقاتلتها الشبحية. في الوقت ذاته، تأتي مثل هذه الصفقات لتبرز اقتحام دول مثل تركيا وباكستان والبرازيل لتصدير الأسلحة بينما بقيت حكرا على الغرب وروسيا ونسبيا الصين لعقود طويلة.