تعيش إسبانيا ترقبا هتشكوكيا حول تشكيل الحكومة المقبلة بعدما أسفرت نتائج الانتخابات المبكرة الأحد الماضي عن نتيجة التعادل. وبينما يحاول الحزب الشعبي المحافظ رئاسة الحكومة، يبقى كل شيء معلقا بإرادة حزب “جميعا من أجل كتالونيا” الذي يوجد زعيمه في المنفى ملاحقا من طرف العدالة.
وكانت الانتخابات التشريعية قد أسفرت عن نتيجة لا تسمح لأي حزب بتشكيل الحكومة ولو اعتمادا على التحالفات، وتصدر الحزب الشعبي المحافظ بزعامة ألبرتو نونيث فيخو الانتخابات بعدما حصل على 136 مقعدا، وحصل نصيره المتطرف “فوكس” على 33 مقعدا، لكنه تنقصه سبعة مقاعد للحصول على الأغلبية المطلقة، 176 مقعدا، من أجل رئاسة الحكومة. ويحصل الأمر نفسه مع الحزب الاشتراكي بزعامة بيدرو سانشيز الذي حصل على 122 مقعدا، ورغم دعم أكثر من خمسة أحزاب له، تنقصه بعض المقاعد لتشكيل الحكومة المقبلة.
ويرى الحزب الشعبي نفسه المؤهل لرئاسة الحكومة لاعتبارين، الأول وهو فوزه كقوة سياسية أولى في الانتخابات، ثم ضرورة احترام التقليد المتبع منذ الانتقال الديمقراطي في منتصف السبعينات ويتجلى في تولي رئاسة الحكومة الحزب الفائز. وكان زعيم الحزب الشعبي المحافظ قد شدد على هذه الفكرة مشيرا ليلة الانتخابات أن “تشكيل الحكومة كان دائما من اختصاص الحزب الفائز وهو ما حصل مع فيلبي غوتثالث وخوسي ماريا أثنار ولويس سبتيرو وماريانو راخوي وبيدرو سانشيز نفسه”. ويطالب الحزب الشعبي نظيره الاشتراكي بضرورة احترام هذه القاعدة.
في المقابل، ينفي اليسار عن اليمين أهلية تشكيل ورئاسة الحكومة بحكم أنه سيضم حزب “فوكس” القومي المتطرف الذي يسبب الاحتقان والتوتر في البلاد بسبب مواقفه المتطرفة. وعمليا، دخلت البلاد في مرحلة سياسية جديدة منذ 2015، عندما انتهت القطبية بين الحزبين الكبيرين الاشتراكي والشعبي المحافظ، وجرى تشكيل أول حكومة ائتلافية لليسار بدعم من الأحزاب القومية سنة 2019. ويرى أنصار اليسار أنه يجب إرساء تقاليد سياسية جديدة تتمثل في ضرورة تولي الأحزاب المتحالفة، التي تعتبر عن أكبر نسبة من شرائح الشعب، تشكيل الحكومة.
ومن المفارقات المثيرة في هذه الانتخابات هو حصول حزب “جونت” أي “جميعا من أجل كتالونيا” على سبعة مقاعد تؤهله للحسم في الأغلبية المطلقة لهذا الطرف في اليسار أو ذلك في اليمين. وهذا الحزب هو خليط لأحزاب قومية ليبرالية ومحافظ، ويعد لويس بويغدمونت أحد وجوهه البارزة. ونظم هذا السياسي عندما كان رئيسا لحكومة الحكم الذاتي في كتالونيا سنة 2017، تنظيم استفتاء تقرير المصير. ويوجد في حالة منفى وفرار في بلجيكا ملاحقا من طرف القضاء الإسباني.
وقد وضعت قيادة هذا الحزب شروطا لتأييد حكومة اليسار ومنها عفو شامل على الملاحقين في تنظيم استفتاء تقرير المصير خلال سنة 2017 ومنهم بويغدمونت، ثم التعهد بالترخيص باستفتاء تقرير المصير لبقاء كتالونيا ضمن إسبانيا أو استقلالها، أي استفتاء على شاكلة ما شهدته اسكتلندا منذ سنوات. وجاء الرد من الحزب الاشتراكي أن كل المفاوضات ستكون في إطار الدستور.
ويبقى الحل بعد المأزق الانتخابي هو أن كل مرشح حصل على الأغلبية العادية في الدور الثاني من التصويت قد يصبح رئيسا للحكومة، لكن سيواجه تحديات بشأن التصويت على القوانين لاحقا في ظل عدم التوفر على الأغلبية المطلقة.