هل نشرت موسكو أسلحة نووية تكتيكية خوفا من مخطط الحلف الأطلسي لاستهداف بيلاروسيا؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

لم تنشر روسيا في أراضي بيلاروسيا أسلحة نووية تقليدية بل أسلحة نووية تكتيكية، وهذا يدل على توجس موسكو من احتمال تعرض حليفتها لهجوم من طرف دول الحلف شمال الأطلسي مثل بولندا، وبالتالي استخدام هذا النوع من السلاح.

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة من الأسبوع الجاري في منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي عن هذا المعطى الذي يعد منعطفا حقيقيا لأنه يحيل على حقبة الاتحاد السوفياتي عندما كانت الأسلحة النووية منتشرة في مختلف الجمهوريات المكونة له قبل تفككه بداية التسعينات. وستستمر عملية نشر الأسلحة حتى نهاية السنة الجارية، حيث يتطلب الأمر دعما لوجيستيا كبيرا. ويبقى الأساسي هو نشر روسيا أسلحة نووية تكتيكية وليس أسلحة نووية تقليدية. وتهدف الأسلحة النووية التكتيكية إلى ضرب تجمعات عسكرية ومبان وأرتال من الدبابات ومخازن الأسلحة، ويكون ضرر إشعاعها محدودا جدا مقارنة مع القنبلة النووية التقليدية.

ومنذ شهور، يتحدث الإعلام الغربي وكذلك بعض رؤساء الدول عن احتمال استعمال روسيا للسلاح النووي التكتيكي، وكان الهدف من هذه التصريحات هو إبراز الجيش الروسي في موقف ضعف أمام أوكرانيا. وفي لحظة من اللحظات، ارتفع الضغط الإعلامي والسياسي حول هذا الموضوع حتى اعتقد العالم بانهزام الجيش الروسي ورهانه على السلاح النووي التكتيكي. وكان هذا الضغط مجرد بروباغاندا، ووفق التاريخ العسكري، لا تمتلك أوكرانيا أي فرصة لإلحاق هزيمة بالجيش الروسي في ظل توفر الروس على صواريخ دقيقة فرط صوتية، ثم طائرات مقاتلة من مختلف الأنواع وجيش كبير. ويكفي أنه من أكثر من سنة، لم تستطع أوكرانيا طرد الروس من الأقاليم الشرقية التي جرى احتلالها.

وعليه، لماذا قررت القيادة العسكرية الروسية نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا؟ يرتبط هذا بالعقيدة العسكرية الروسية ثم القلق من التوسع إلى حرب شاملة تكون فيها بيلاروسيا الحلقة الأضعف.

في هذا الصدد، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تحدث أمام الجمعية الفيدرالية يوم فاتح مارس 2018 على العقيدة النووية الروسية الجديدة خلال تقديم أسلحة جديدة. وكشف عن استراتيجية روسيا وضع السلاح النووي للدفاع عن حلفائها إذا تعرضوا لهجوم. وبالتالي، نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا يتماشى والعقيدة الحربية الروسية خاصة في الملف النووي.

وارتباطا بهذا وكذلك تطورات الحرب، لا تستبعد روسيا اتساع رقعة الحرب، وتعتقد أن بيلاروسيا هي نقطة الضعف، حيث قد تتعرض لهجمات من دول الجوار وأساسا من بولندا في حالة ما إذا استمرت الحرب الحالية كثيرا. ولا تستبعد موسكو تسبب بولندا المعروفة باندفاعها الكبير في معاداة كل من روسيا وبيلاروسيا باستغلال الوضع للتسبب في اتساع رقعة الحرب. ويكفي وقوع هجوم غامض من بيلاروسيا على بولندا أو جمهوريات البلطيق لكي ينخرط الحلف الأطلسي في الحرب باستهداف بيلاروسيا.

ولتفادي الاستنزاف العسكري، ولضمان وحدة بيلاروسيا، ثم القضاء على أي تطور خطير ومفاجئ في الحرب، قد تغامر موسكو باستعمال السلاح النووي التكتيكي لضرب أي محاولة لغزو بيلاروسيا من طرف الحلف الأطلسي للحسم فورا واحتواء الوضع. ويوجد تصور لدى بعض صقور حلف الناتو بجعل بيلاروسيا نقطة ضعف روسيا على شاكلة ما جعلت موسكو أوكرانيا نقطة ضعف الغرب.

Sign In

Reset Your Password