أصبحت البحرية التركية تتوفر على أول حاملة طائرات مسيرةTCG Anadolu ، وجرى تصميمها على شاكلة سفن المارينز الأمريكي من نوع واسب , WASP لتكون فعالة في عمليات الإنزال. وكان قرار إدارة واشنطن إبعاد تركيا من برنامج طائرة إف 35 حاسما في تصميم هذه السفينة الحربية الفريجة من نوعها حتى الآن.
وقام الرئيس التركي رجب اردوغان بتدشين حاملة الطائرات المسيرة يوم 10 أبريل الجاري، وهو منعطف حقيقي في تاريخ الصناعة الحربية التركية وكذلك بالنسبة للدول غير الكلاسيكية في صناعة السلاح. وتعكس التقدم الباهر للصناعة الحربية التركية التي تأتي لتغيير الكثير من المعطيات الجيوسياسية رفقة إيران في حالة الرفع من الإنتاج الحربي، وكذلك توقيع صفقات بدون شروط مجحفة في استعمال السلاح عكس ما تفرضه الدول الغربية. وكان أردوغان محقا بقوله أن “تركيا ستغير قواعد اللعبة في الصناعات الدفاعية”.
ولم تكن عملية بناء هذه السفينة بالسهل، فقد كانت تركيا ترغب في بناء حاملة طائرات قادرة على حمل 12 طائرة مقاتلة من نوع إف 35 ب الأمريكية التي لا تحتاج الى مدرج طويل للإقلاع وتنزل تقريبا عموديا ثم سرب من الطائرات المروحية. وبرمجت دخولها الخدمة سنة 2021. غير أن البنتاغون قرر إبعاد تركيا من برنامج إف 35 وعدم بيعها مقاتلات من هذا النوع بل والتأخر في تحديث إف 16 التي تمتلك تركيا منها ما يفوق 150 مقاتلة. وعاقبت الولايات المتحدة تركيا بسبب اقتنائها برنامج الدفاع الجوي الروسي إس 400.
وأمام الفيتو الأمريكي، غيرت أنقرة من سياستها الدفاعية، فقررت في إطار امتلاك صناعة حربية مستقلة تلبي الاحتياجات الحربية بدون الاعتماد كثيرا على الخارج، تحويل هذه السفينة من حاملة للطائرات الى حاملة للطائرات المسيرة “الدرون” بيرقدار 3 وكزليلما الذي سيدخل الخدمة عما قريب. وعلاوة على هذا، اتخذت تركيا القرار نتيجة التقدم الحاصل في “الدرون” الذي بدأت تحوله تدريجيا الى ما يشبه المقاتلة، وأحيانا يكون دوره أقوى في بعض السيناريوهات العسكرية. ويبرز الموقع العسكري “غلاكسيا ميليتار” (المجرة العسكرية) أن نجاح تركيا في صناعة سفينة خاصة بالدرون يمكن اعتباره سبقا عسكريا في التاريخ العسكري. وتعمل تركيا على إنتاج مقاتلة متطورة، وقد تخضع لتعديلات لتناسب حاملة الطائرات المسيرة هذه.
ونهجت تركيا في صناعة حاملة الطائرات المسيرة ما يشبه سفن الإنزال التي يتوفر عليها المارينز الأمريكي وليس حاملات الطائرات الكلاسيكية التي تتوفر عليها البحرية الحربية الأمريكية. إذ أن حاملات الطائرات الكلاسيكية تكون كبيرة وتتعدى 320 مترا مثل صنف نيميتز، وعادة لا تقترب من الشواطئ، بينما سفن المارينز تكون أصغر بمائة متر ولا تتعدى 250 مثل سفن صنف “واسب” و”أمريكا”، وتقترب من الشواطئ لأنها معدة للأنزال البحري “الهجومية البرمائية”، وتتوفر على دبابات ومدرعات وسيارات عسكرية وطائرات مروحية وعدد جنود يتجاوز الألف.
وتنضاف تركيا الى نادي الدول القليلة جدا مثل الولايات المتحدة والصين والهند وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا التي تمتلك حاملة طائرات تعمل بمثابة قاعدة عسكرية متحركة. ومن شأن سفينة TCG Anadolu أن تمنح للقوات العسكرية التركية امتيازا بالتدخل السريع في عدد من المناطق الساخنة ومنها في البحر الأبيض المتوسط أو في الخليج العربي التي تعد مناطق استراتيجية لها.