أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأربعاء التعبئة الجزئية للقوات العسكرية استعدادا لتطورات المقبلة. وهو بهذا، ينتقل من مفهوم “العملية العسكرية” الى “الحرب العسكرية” وفق منظور الكرملين. وقد تسعى موسكو وراء هذا التصعيد الى الدفع بأوكرانيا الى الاستسلام.
وكشف بوتين في خطابه عن معطيات تعتبرها موسكو مقلقة للغاية وخطيرة على أمنها القومي، وتتجلى في: حث أوروبا والولايات المتحدة أوكرانيا على نقل الحرب الى الأراضي الروسية، ثم الحديث عن تسهيل أسلحة متطورة ذات مدى بعيد للقوات الأوكرانية ، ثالثا، قصف القوات الأوكرانية لحدود روسيا في كورسك وجزيرة القرم. وفي الوقت ذاته، استعرض مفهوم التعبئة الجزئية الذي يعد الأول من نوعه بعض الحرب العالمية الثانية. وهدد باللجوء الى السلاح النووي إذا تعرضت موسكو لتهديد بالسلاح نفسه.
وكان وزير الدفاع سيرغي شويغو قد كشف في حوار تلفزي عن الدعم الغربي اللامحدود الذي تتوصل به أوكرانيا من الحلف الأطلسي، وذلك لتبرير عنف القرارات المقبلة التي ستقدم عليها موسكو.
هذا التطور المقلق يعني أن روسيا التي كانت تعتبر تدخلها العسكري في أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي بمثابة “عملية عسكرية” كما تسميها، ستصبح الآن “حربا عسكرية” حقيقية. والفارق هو أنه ابتداء من الآن سيتم الرفع من القوة النارية بشكل خطير باستهداف كل نقاط الخطر على الأمن القومي الروسي. وعلاقة بهذا، من المحتمل جدا، تركيز موسكو على قصف المناطق الغربية المحاذية لبولندا التي تدخل منها الأسلحة الغربية، وهذا يرشح أوكرانيا أن تصبح “بولندا الحرب العالمية الثانية”، عندما كانت بولندا سببا في اندلاع الحرب العالمية الثانية.
ويبدو أن موسكو تسعى الى تحقيق ثلاثة أهداف عسكرية وراء هذا التطور الذي يعد منعطفا حقيقيا في الحرب الأوكرانية الحالية، الأول وهو استعمال قوة نارية هائلة بتدمير ما تبقى من بنيات عسكرية أوكرانية لاسيما في غرب البلاد لمنع الجيش من أي مبادرة. ويتجلى الهدف الثاني هو عزل القوات الأوكرانية المتواجدة شرق نهر دنيبر عن باقي القوات في غرب البلاد بهدف تصفيتها. وكل هذا لحماية إقليم دونباس وجمهوريتيه لوغانسك ودونيتسك. ويبقى الهدف الثالث هو دفع أوكرانيا الى الاستسلام وقبول شروط موسكو بشأن الهدنة. وترغب موسكو في إنهاء الحرب في أقرب وقت لتفادي وقوع تصدع في الجبهة الداخلية.
وكان خبراء سياسيون وعسكريون قد نبهوا أن تقدم القوات الأوكرانية نحو دونباس وخاصة بعد استعادتها أيزوم سيدفع موسكو الى رد فعل قوي. وضمن هذه الأصوات المفوض الأوروبي المسؤول عن العلاقات الخارجية والدفاع جوزيب بوريل عندما أكد الأسبوع الماضي أن “الرد الروسي سيكون عنيفا على إيزوم”.
التحاليل الأولى للإعلام الغربي، تتهم بوتين بالهروب الى الأمام للتغطية على وضعه الصعب في روسيا بعد التقدم الأوكراني، في حين تتخذه المؤسسات العسكرية الغربية على محمل الجد لأنها تعتبر خطاب بوتين منعطفا جديدا سيجعل هذه الحرب عنيفة للغاية. وهذا يدفع، كل الجيوش الى حالة من الاستنفار تحسبا للتطورات المقبلة.