بحثا عن دور في استرايجية غاز أوروبا، وفد اسباني يزور الجزائر سرا لتجاوز الأزمة

العلم الجزائري والإسباني

زار وفد إسباني رفيع المستوى بطريقة سرية العاصمة الجزائر الجمعة الماضية، وقد يكون موضوع الزيارة بدء مصالحة بين البلدين لاسيما وأن مدريد لا ترغب في ضياع فرصة التوصل بكميات أكبر من الغاز لتنفيذ مشروع الربط الغازي من إسبانيا عبر فرنسا ثم ألمانيا للتقليل من الاعتماد على الغاز الروسي.

وتمر العلاقات بين اسبانيا والجزائر بقطيعة شبه تامة بعدما سحبت الجزائر سفيرها من مدريد وعلقت اتفاقية الصداقة وأوقفت التبادل التجاري باستثناء صادرات الغاز المحمية بالقانون الدولي. واتخذت الجزائر هذا الموقف ردا على ما تعتبره انحياز مدريد لصالح المغرب في نزاع الصحراء ودعمها لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط حلا للنزاع.

ويجري الحديث عن زيارة سرية رفيعة المستوى قام بها وفد إسباني الى الجزائر الجمعة الماضية، وأوردت الخبر جريدة “أوكي دياريو” بتوجه طائرة تابعة للقوات العسكرية الى مطار عسكري بالقرب من العاصمة الجزائر. ويستنتج من اختيار المطار العسكري بوفاريك هو إبقاء الزيارة في إطار السرية. والطائرة هي من صنف فالكون التي يستعملها الوزراء والملك فيليبي السادس في رحلاتهم الرسمية، وهي الطائرة نفسها التي ذهب على متنها الملك الى كولومبيا لحضور مراسيم تنصيب الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو أوريغو خلال بداية الأسبوع.

وعلى ضوء هذه الأخبار، وجه النائب البرلماني عن “الفريق المشترك، بابلو إميريتو بيكيراس سؤالا الى وزير الخارجية الإسباني  خوسي مانويل ألباريس يطالب بتوضيحات حول نوعية الوفد الذي كان على متن الطائرة والمهام المكلف بها ثم الوضع الحالي للعلاقات بين مدريد والجزائر بعد الأزمة الأخيرة. وتلتزم حكومة مدريد الصمت حتى الآن، لم تؤكد ولم تنف الخبر.

ويبدو أن إسبانيا ترغب في تحقيق مصالحة مع الجزائر بعدما وصلت الأزمة الى مستوى شائك للغاية. وتقف عوامل وراء قرار حكومة مدريد، وأبرزها، هو استمرار الجزائر في القطيعة التجارية بحظر الواردات من اسبانيا والحفاظ فقط على صادرات الغاز نحو السوق الإسبانية. ثم عدم وقوف الاتحاد الأوروبي الى جانب إسبانيا في هذه الأزمة بل استغلت بعض الدول وعلى رأسها إيطاليا الأزمة لتطوير العلاقات مع الجزائر. وانتقدت الطبقة السياسية والإعلامية الإسبانية تصرف بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وإيطاليا، خاصة بعدما فشلت في استصدار قرار أوروبي يدين حظر الجزائر للصادرات الإسبانية.  ويبقى العامل الأخير والمهم هو رغبة حكومة برلين في مد أنبوب غاز من إسبانيا عبر فرنسا إلى ألمانيا وسيكون الغاز الجزائري ركيزة أساسية في المشروع.

وكان المستشار الألماني أولاف شولز قد صرح يوم الخميس الماضي بضرورة تضامن أوروبي في الغاز، ودعا الى تشييد أنبوب من إسبانيا نحو وسط أوروبا وبالخصوص ألمانيا عبر فرنسا. وينقص هذا المشروع فقط الربط بين فرنسا وإسبانيا وهو مشروع “ميدكات”. ويقوم هذا المشروع على توصل اسبانيا بالغاز المسال عبر سفن وتحويله إلى وضعه الطبيعي وتصديره نحو أوروبا، بحكم توفر إسبانيا على سبع موانئ بها بنيات عملية التحويل وخزانات هائلة، وتشكل 35% من القدرة الأوروبية في هذا الشأن. ويضاف إلى هذا، الأنابيب المتواجدة بين اسبانيا والجزائر.

وتوجد أنابيب بين إسبانيا وفرنسا ولكنها بالكاد تنقل 8 مليار متر مكعب سنويا، في حين أن أنبوب الغاز الروسي الجديد نورد ستريم 2 يحمل  لوحده 55 مليار مكعب سنويا.

وإذا كانت إسبانيا قادرة على استقبال كميات كبيرة من الغاز المسال وتحويله الى باقي الدول كما تفعل حاليا مع مساعدة المغرب بتحول الغاز عبر أنبوب “المغرب العربي-أوروبا” بعدما قطعت الجزائر الغاز عن المغرب، إلا أن الشطر الثاني من هذه الاستراتيجية يحتاج إلى التوصل بكميات أكبر من الجزائر عبر أنبوب “ميدغاز”.

وتتسبب الأزمة مع الجزائر في عرقلة طموح مدريد للتحول إلى عنصر فعال في استراتيجية الطاقة في أوروبا للتقليل من الاعتماد على الغاز الروسي.  وكانت الجزائر قد قامت بتخفيض كميات الغاز  المضافة نحو إسبانيا وأبقت فقط على تصدير الكميات المنصوص عليها في الاتفاقية الثنائية. وعملت على تحويل الكميات المضافة إلى إيطاليا.

في هذا الصدد، تبحث إسبانيا عن مصالحة مع الجزائر، وتأتي الرحلة السرية لوفد رفيع المستوى نحو الجزائر الجمعة الماضية في هذا الإطار. غير أن الجزائر اشترطت مسبقا أن كل مصالحة تمر عبر مراجعة مدريد لموقفها من الصحراء وتأييد تقرير المصير. ويبقى التساؤل: هل ستغامر مدريد بعلاقات مع شريك استراتيجي مثل المغرب من أجل الاستراتيجية الأوروبية للغاز؟

Sign In

Reset Your Password