هل يصلح سيناريو انفراج العلاقات بين ألمانيا والمغرب في حل الأزمتين مع اسبانيا وفرنسا؟

الملك محمد السادس رفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

التحسن الجاري في العلاقات بين الرباط وبرلين بعد الأزمة الشائكة بينهما طيلة شهور تدفع إلى التساؤل هل سيمتد هذا التصالح إلى العلاقات التي تجمع المغرب مع بلدين رئيسيين وهما إسبانيا وفرنسا أم سيزداد الوضع توتراً، لا سيما بعد احتضان البرلمان الفرنسي ندوة حول الصحراء بمشاركة الحكومة، الأمر الذي يحدث لأول مرة.
وكانت العلاقات بين المغرب وألمانيا قد تدهورت خلال الشهور الأخيرة على خلفية موقف برلين من نزاع الصحراء برفضها اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمغربية الصحراء ثم بسبب ملفات أخرى من ضمنها ملف مواطن مغربي-ألماني محمد حاجب. وتحسنت العلاقات مؤخراً في أعقاب رسائل ألمانية صدرت من وزارة الخارجية ثم الرئيس نفسه إلى المغرب تفيد بأهميته (المغرب) في علاقات غرب البحر الأبيض المتوسط، وتتفهم مقترح الحكم الذاتي مع استمرارها تأييد مساعي الأمم المتحدة في البحث عن حل للنزاع.
ودفع هذا التطور عدداً من المراقبين إلى التساؤل: هل سيمتد إلى تحسن العلاقات بين المغرب مع فرنسا وإسبانيا؟ وتتم معالجة هذا الموضوع في المغرب وفق رؤيتين: أولهما ما يوصف بانتصار المغرب على ألمانيا، وبالتالي على إسبانيا وفرنسا الاقتداء بنهج برلين، وهذه من الروايات المنتشرة في الصحافة المغربية، بينما التصور الثاني يتحدث عن نجاح المفاوضات مع ألمانيا بعيداً عن الأضواء، وهل سيتكرر هذا مع إسبانيا وفرنسا.
وتشير المؤشرات نسبياً إلى استبعاد حدوث انفراج على الطريقة الألمانية بسبب موقف مدريد ثم باريس، لا سيما هذه الأخيرة. ففي تطور مفاجئ، احتضن البرلمان الفرنسي (الجمعية العامة) الخميس الماضي ندوة حول نزاع الصحراء دعت لها أحزاب يسارية لدراسة مدى تطابق موقف باريس مع القانون الدولي. وكانت المفاجأة هي مشاركة الحكومة الفرنسية لأول مرة في النقاش لتقديم توضيحات. والتزمت الدولة المغربية الصمت، بينما شنت منابر صحافية مغربية عديدة حملة ضد فرنسا تتهمها باستفزاز المغرب. ويبدو أن غضب فرنسا من المغرب بسبب ما يفترض تعرضها للتجسس من الحليف المغربي بواسطة برنامج بيغاسوس الذي تصنعه الشركة الإسرائيلية «إن سي» أو ما زال قائماً، ويترجم عبر تجميد تبادل الزيارات الثنائية بين البلدين. وكان مسؤولون فرنسيون عند ترؤس فرنسا الاتحاد الأوروبي، يقومون بزيارات إلى المغرب لشرح الأجندة الفرنسية أو يستقبلون مسؤولين مغاربة، لكن هذه أول مرة لا يحدث هذا الأمر. ولا توجد مؤشرات من طرف فرنسا لتسريع انفراج الأزمة.
وعلاقة بإسبانيا، اعتبرت فالنتينا مارتينيث، مسؤولة العلاقات الخارجية في الحزب الشعبي المعارض والناطقة باسم لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، في تصريحات لوكالة أوروبا برس نهاية الأسبوع، أنه «مرت ستة أشهر على الأزمة مع المغرب ولا توجد مؤشرات على الانفراج، وهذا فشل كبير لوزير الخارجية مانويل ألباريس». وانتقدت هذه النائبة البرلمانية كيف يصرح وزير الخارجية بوجود مفاوضات بعيدة عن الأضواء في حين لم تسفر بعد ستة أشهر عن نتائج تذكر ومنها عودة السفيرة المغربية إلى مدريد. واعترفت بعدم توفر الحزب الشعبي المعارض على وصفة مناسبة لتحسين العلاقات مع المغرب.
وعملياً، فشلت المفاوضات السرية بين المغرب وإسبانيا والتي جرت على مستويات متعددة وإن كان أغلبها على مستوى متوسط من المسؤولين، حيث يتشبث كل طرف بموقفه. ويطالب المغرب مدريد بتفهم مقترح الحكم الذاتي والكيف عن مبادرات تعيق حشد الدعم له، إذ كانت أول دولة عارضت علانية اعتراف ترامب بمغربية الصحراء، بينما تصر إسبانيا على تصور جديد من العلاقات يلتزم المغرب بموجبه بعدم تكرار ما حدث من اقتحام آلاف المغاربة لمدينة سبتة المحتلة منتصف أيار/ مايو الماضي.
وتختلف الأزمة بين المغرب وألمانيا عن الأزمات بين المغرب مع كل من إسبانيا وفرنسا رغم أن المشترك في بعض الأحيان هو الصحراء الغربية. لكن وفق عدد من المصادر المغربية والأوروبية التي استقت القدس العربي رأيها: في حالة ألمانيا، تحدث الأزمة لأول مرة مع الرباط لأن برلين ثانوية في أجندة المغرب كما المغرب ثانوي في الأجندة الألمانية. ويحدث العكس في حالة أزمات المغرب مع إسبانيا وفرنسا هي مرحلية وتنفجر بين الحين والآخر وتتطلب تصورات مختلفة للمعالجة لأن العلاقات مكثفة للغاية.

Sign In

Reset Your Password