من المنتظر بدء وصول آلاف النساء المغربيات إلى إسبانيا للعمل في حقول الفراولة جنوب الأندلس، ويحدث هذا رغم استمرار الأزمة الثنائية بين الرباط ومدريد، واستمرار المغرب في إغلاق حدوده الجوية والبرية بسبب فيروس كورونا.
وتوجد اتفاقية بين المغرب وإسبانيا يتم بموجبها استقدام آلاف النساء المغربيات للعمل في حقول الفراولة في منطقة ويلفا، أقصى جنوب غرب إسبانيا، المتاخمة للبرتغال. وتؤكد مصادر إسبانية انتظار 12 ألفاً و200 مغربية للعمل في الحقول. وعادة ما تصل النساء المغربيات للعمل في حقول الفراولة بداية ديسمبر من كل سنة.
وحدث تأخر خلال موسم الجني الحالي بسبب التداعيات الناتجة عن أزمة كورونا، حيث أغلق المغرب حدوده الجوية والبحرية والبرية مع العالم خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ويرتقب فتحها نهاية شهر يناير الجاري. علاوة على هذا، تأخر الترتيبات القنصلية لمنح 12 ألف تأشيرة للمغربيات في وقت تعمل فيه القنصليات الإسبانية في المغرب في ظروف صعبة بسبب فيروس كورونا.
وستصل النساء المغربيات عبر دفعات ما بين منتصف يناير الجاري إلى شهر آذار/مارس المقبل، بمعدل رحلة بحرية كل أسبوع، على متنها ما بين 800 إلى ألف عاملة، بينما ستكون العودة إلى المغرب بداية حزيران/ يونيو المقبل.
ورغم استمرار الأزمة بين الرباط ومدريد على خلفية نزاع الصحراء الغربية وملفات أخرى، ومن عناوين هذه الأزمة سحب المغرب لسفيرته من إسبانيا، فهذه الأزمة لم تعق استمرار تطبيق اتفاقية استقدام اليد العاملة من المغرب للعمل في الحقول الزراعية الإسبانية.
ويبدو رهان إسبانيا التدريجي على تقليص الاعتماد على اليد العاملة في جني الفراولة، وكانت في الماضي تستقدم اليد العاملة من شرق أوروبا مثل بولندا وأوكرانيا، وتعتمد نسبياً منذ الموسم الماضي على استقدام اليد العاملة من أمريكا اللاتينية. وتفيد وكالة أوروبا برس بأنه قبل وصول اليد العاملة المغربية إلى حقول ويلفا، فقد وصل أول وفد من دولة الإكوادور، ولاحقاً من الهندوراس، في تجربة لاستقدام اليد العاملة من منطقة أمريكا اللاتينية مستقبلاً.
وضمن العوامل التي دفعت إسبانيا إلى التفكير في تقليص اليد العاملة المغربية هو صعوبة عودة المغربيات بعد انتهاء موسم الجني بعد أيار/ مايو 2020، حيث بقيت الآلاف من العاملات تنتظر في إسبانيا بسبب إغلاق المغرب وقتها الحدود بسبب فيروس كورونا. في الوقت ذاته، كانت قد انفجرت بعض المشاكل بسبب التحرش الجنسي الذي تعرضت له نساء مغربيات من طرف بعض المشغلين. وعملياً، ستبقى إسبانيا تراهن على اليد العاملة المغربية لجني الفراولة لأسباب، منها الإنتاج الوفير لهذه الفاكهة الذي يتطلب يداً عاملة كثيرة العدد. وينتج إقليم ويلفا 95% من الفراولة في إسبانيا، وقرابة الثلث من الإنتاج الأوروبي، وتعتبر أول منطقة في العالم مصدرة لهذه الفاكهة. ثم صعوبة العثور على اليد العاملة من أوروبا بسبب ارتفاع الدخل تدريجياً، وأخيراً البعد الجغرافي في حالة أمريكا اللاتينية، حيث يتطلب نقل العمال والعاملات السفر جواً، وهو مكلف.
ويحدث العكس في حالة المغرب، حيث يعد القرب الجغرافي وسهولة التنقل والأسعار الرخيصة للسفر عبر البحر ثم عودة أغلب العاملات المغربيات إلى المغرب دون البقاء في إسبانيا، من العوامل المشجعة للاستمرار في الاعتماد على المغرب.
رغم إغلاق الحدود والأزمة مع مدريد: بدء وصول آلاف المغربيات للعمل في حقول الفراولة في الأندلس
حقول الفراولة في ويلفا