في مهمة أشبه بالمستحيلة، ستزور تريسا ريفيرا النائبة الثالثة لرئيس الحكومة الإسبانية والمكلفة بالملف البيئي اليوم الأربعاء الجزائر للبحث عن حل لأنبوب الغاز “المغرب العربي-أوروبا” الذي يمر عبر الأراضي المغربية ويمد اسبانيا بالغاز، وأعلنت الجزائر التخلي عنه نهاية الأسبوع الجاري بعد 25 سنة من العمل.
وتفيد الصحافة الإسبانية أن مهمة تريسا ريفيرا تشكل تحديا، إذ ترغب اسبانيا في ضمان توصلها بالغاز الجزائري الكافي لاحتياجاتها بعدما قررت الجزائر استعمال أنبوب الغاز “ميد-غاز” الذي يمر من الغرب الجزائري بحرا الى منطقة الأندلس. وتستورد اسبانيا قرابة 50% من حاجياتها من الغاز من الجزائر، ويستعمل في إنتاج الثلث من الطاقة الكهربائية التي يحتاجها هذا البلد الأوروبي.
وتعد زيارة النائبة الثالثة لرئيس الحكومة الإسبانية هي الثالثة من نوعها الى اسبانيا في أقل من شهر بسبب ملف الغاز، وكان وزيرة الخارجية خوسي مانويل ألفاريس قد زار الجزائر يوم 30 سبتمبر الماضي بسبب الملف نفسه.
ونقلت وكالة أوروبا برس عن خبراء في الطاقة أنه رغم التعهد الجزائري بضمان احتياجات اسبانيا من الغاز، هناك شكوك حول وجود عراقيل تقنية في الخط الثاني في ضمان الكميات المطلوبة وأن يشكل بديلا كاملا للخط الذي يمر عبر المغرب وجرى تدشينه سنة 1996. ولهذا ترغب اسبانيا في العمل بالأنبوبين، ميد غاز الذي يستطيع تصدير ثمانية مليار متر مكعب سنويا وأنبوب “المغرب العربي-أوروبا” الذي يحمل 14 مليار متر مكعب سنويا.
وتلتزم الجزائر بمد اسبانيا بكميات إضافية من الغاز عبر السفن. ويطرح الخبراء بديلا مكملا وهو الرفع من الكميات المصدرة نحو إيطاليا عبر أنبوب الغاز “أنريكو ماتي” الذي ينطلق من الجزائر ويمر عبر تونس ثم بحرا نحو الأراضي الإيطالية، ولا يتم استغلال هذا الخط بالشكل الكافي. ويرى خبراء الطاقة في اسبانيا أنه يمكن الرفع من الكميات المصدرة نحو إيطاليا ثم نقلها بحرا الى اسبانيا.
وتنقل جريدة البايس اليوم أن هناك مهمة أخرى وهي تزويد اسبانيا للمغرب بالغاز الجزائري، وجرت مباحثات بين مدريد والرباط في هذا الشأن. وجرى طرح ما يعرف “بالتدفق المعاكس”، يمر الغاز من الجزائر الى اسبانيا ثم لاحقا الى المغرب عبر أنبوب “المغرب العربي-أوروبا”، أو يتم استيراد الغاز من دول ثالثة الى اسبانيا ولاحقا نقله عبر الأنبوب الى المغرب بحكم أن المغرب لا يتوفر على ميناء يستقبل ويعالج الغاز السائل وتحويله الى طبيعته الغازية، في حين تتوفر اسبانيا على عدد من الموانئ التي تقوم بهذه المهمة. وتصف الجريدة وضع اسبانيا بالصعب، فهي لا تدري كيف ستتصرف الجزائر تجاه مقترح نقل الغاز الجزائري الى المغرب، وذلك في وقت تريد مدريد الحفاظ على علاقات ممتازة مع كل من المغرب والجزائر.
وتنقل جريدة البايس كذلك تولي النائبة الثالثة لرئيس الحكومة تيريسا ريفيرا المفاوضات مع كل من المغرب والجزائري طيلة الشهرين الماضيين بعيدا عن الأضواء، وبدوره شارك وزير الخارجية ألفاريس في المباحثات. وتنقل عن عدد من المصادر أن عملية إقناع الجزائري بالأبقاء على الأنبوب الذي يمر من المغرب عملية صعبة إن لم تكن مستحيلة لاسيما في ظل الأزمة القائمة بين الرباط وجارتها الشرقية وصلت الى القطيعة الدبلوماسية والتوتر العسكري على الحدود.