من لويس باستور رائد اللقاحات إلى الفراغ أو النزول إلى القسم الثاني بدل قسم الكبار، هذا جزء من تدوينات وتصريحات الكثير من الفرنسيين بسبب فشل فرنسا إنتاج لقاح لفيروس كورونا على شاكلة الدول الكبرى مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة أو جاريها الغربي بريطانيا وألمانيا.
وتمتلك فرنسا تاريخا مشرفا في البحث العلمي منذ العالم الكبير لويس باستور الذي يعد منارة ومرجعا في علم الفيروسات والبكتريا، لكن فرنسا تجد نفسها خلال السنوات الأخيرة متخلفة عن ركب الدول الكبرى، ويعد فيروس كورونا منعطفا كبيرا في هذا الشأن.
وقد نجحت الولايات المتحدة في إنتاج لقاحين فايزر وموديرنا هذه الأخيرة بقيادة المغربي منصف السلاوي، ونجحت المانيا في لعب دور كبير في لقاح فايزر عبر شركة محلية من تأسيس مهاجرين أتراك، وأنتجت بريطانيا لقاح أسترزينيكا عبر شركة وجامعة أوكسفورد. بدورها قامت روسيا بإنتاج لقاح خاص بها، وحققت الصين أكبر النجاحات من خلال لقاحات أنتجتها عدة شركات على رأسها سينوفارم.
وتساءل زعيم اليسار الفرنسي ميلنشون بحسرة كيف تأخر البحث العلمي في فرنسا إلى مستوى أن هذا البلد لم يعد يلعب رفقة الكبار في البحث عن اللقاح ضد فيروس كورونا، وكيف أصبح تلقيح المواطنين رهين لقاحات تنتجها شركات أخرى.
وتكتبت جريدة لوموند الأربعاء الماضي عن غياب أي لقاح فرنسي ضمن اللقاحات التي وصلت إلى مرحلة التجارب السريرية الثالثة، ويجب انتظار نهاية السنة المقبلة للحديث عن لقاح من إنتاج شركة فرنسية.
ويرى الباحث المغربي محمد الشكري المتخصص في البيولوجيا الجزئية في تصريحات لـ”القدس العربي” أنه “يمكن الوقوف على عدد من الأسباب أبرزها غياب الدعم الرسمي للبحث العلمي، ويشتكي باحثون من قلة الموارد، وهناك بعض الدول التي تحقق نهضة حقيقية مثل الصين أو تلك التي تستمر في استقطاب الباحثين الأجانب مثل الولايات المتحدة”.
وكتب فيلبي إسكوند المتخصص الاقتصادي في جريدة “لوموند” يوم الأربعاء الماضي: “فرنسا بلد باستور كانت في مقدمة البحث العلمي، والآن تجد نفسها في مؤخرة الترتيب”.
وكانت إمانويل شاربونتيي الحاصلة على جائزة نوبل للكمياء في نسختها 2020 قد خلقت ضجة وصدمة في فرنسا، عندما أكدت أن ألمانيا هي التي تمول أبحاثها وليس فرنسا التي حرمتها من الموارد. والفضيحة الأخرى هي تمويل بريطانيا وليس فرنسا لشركة “فالنيفا” الفرنسية الوحيدة التي تقوم بتجارب سريرية في المرحلة الأولى والثانية ابتداء من منتصف هذا الشهر الجاري، وتعتمد تقنية البحث العلمي نفسها التي اعتمدتها موديرنا الأمريكية.