أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من احتمال نشوب الحرب في الصحراء، وكشفت عن مساعي متعددة تقوم بها لدى جميع الأطراف، بينما تلتزم الدول الغربية المعنية بالنزاع مثل فرنسا واسبانيا الحذر الشديد، وحضر الملف في الكونغرس الأمريكي رغم موضوع الانتخابات الرئاسية.
وأخذ نزاع الصحراء طابعا حساسا خلال الأسابيع الأخيرة نتيجة قرار البوليساريو وعبر ما تعتبرهم نشطاء المجتمع المدني إغلاق معبر الكركرات الذي يربط بين المغرب وموريتانيا. ويوجد المعبر مغلقا منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في وجه التنقل والبضائع. وفي الوقت نفسه، ترغب البوليساريو الضغط على الأمم المتحدة للعودة الى تنظيم تقرير المصير. وهددت في بيانين بالحرب إذا أرسل المغرب أي مدني أو عسكري الى الكركرات. ونتيجة هذا الوضع، هناك حشود عسكرية مغربية وموريتانية وأخرى للبوليساريو في المنطقة، مما يجعل مسالة نشوب الحرب واردة إذا خرجت الأوضاع عن السيطرة.
وأشارت القدس العربي أمس الى احتياطات تقوم بها الأمم المتحدة لنقل موظفي المينورسو “قوات السلام في الصحراء” أى جزر الكناري الإسبانية في حالة استئناف مواجهات حربية بين المغرب وجبهة البوليساريو. وتقدم الأمم المتحدة على مثل هذه الاحتياطات عندما يتوصل خبرائها الى نتيجة تدهور الأوضاع في الملف الذي تشرف عليه.
الأمم المتحدة تعرب عن خوفها من الحرب
وعمليا، تأتي تصريحات وزير الخارجية الموريتاني لتأكيد تخوفات الأمم المتحدة. فقد كشف وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد كيف أعرب له الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس عن قلقه من انفجار الأوضاع، حسبما نقلت وكالة الأنباء الموريتانية في قصاصة لها ليلة الأربعاء من الأسبوع الجاري.
وتبرز الوكالة كيف “أطلع الأمين العام الوزير على كل الاتصالات التي يجريها منذ يومين من أجل تجنب أي تفاقم للوضع على الميدان ولكنه لم يخف مخاوفه مما وصل إليه الوضع الميداني من خطورة. وطلب الأمين العام من موريتانيا أن تلعب دورها الإيجابي والمعترف به من كل الأطراف من أجل حلحلة هذه الازمة، فيما اكد الوزير ان هذه الجهود قائمة بكثافة منذ أيام”.
وهذه أول مرة تكشف فيها الأمم المتحدة علانية عن تخوفها من احتمال نشوب الحرب بين المغرب وجبهة البوليساريو، ومرد ذلك الى القرار الراديكالي للبوليساريو بقطع معبر الكركرات في وجه حركة المرور بين المغرب وموريتانيا، وهو القرار الذي وضع المغرب في موقف حرج للغاية، إذ لا يمكنه البقاء مكتوف الأيدي الى ما لا نهاية لاسيما وأن الرأي العام المحلي يطالب بحل لهذا الإشكال.
ترقب في العواصم الكبرى
وكشفت مصادر عليمة بعمل الأمم المتحدة، أنه في هذه الحالة تجري الأمم المتحدة اتصالات مع عدد من العواصم الكبرى للتهدئة ومنها موسكو للضغط على الجزائر وبالتالي على البوليساريو للتهدئة ثم مباحثات مع كل من مدريد وباريس.
وكان وزير خارجية باريس جان إيف لودريان قد أعرب عن قلقه من عملية الاغلاق في الكركرات في تصريح في العاصمة الرباط الاثنين الماضي. وتلتزم اسبانيا الحذر التام نظرا لخطورة الوضع وتجري مباحثات دون الكشف عنها لأن استئناف الحرب سيجعلها في موقف حساس للغاية بحكم ميل الرأي العام الإسباني لجبهة البوليساريو، فقد كانت إسبانيا قوة استعمارية سابقة في الصحراء.
وكانت المفاجأة من الولايات المتحدة، فرغم اهتمام هذا البلد بالوضع الغريب نتيجة رفض الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت الثلاثاء من الأسبوع الماضي، ومنحت الفوز الى المرشح الديمقراطي جو بايدن، فقد حضر نزاع الصحراء في مجلس الشيوخ. في هذا الصدد، استعرض رئيس لجنة الأمن والدفاع في الكونغرس جيمس إنهوف تطورات ملف الصحراء، وقدم عرضا يميل الى جبهة البوليساريو وينتقد المغرب وطالب بضرورة تدخل الأمم المتحدة.