تعيش الحكومات الأوروبية قلقا كبيرا من احتمال انتقال احتجاجات الأمريكية المنددة بمقتل المواطن جورج فلويد الى أوروبا، لاسيما وأن تقارير الاستخاباتر والشرطة تحذر من الموجة بسبب كورونا فيروس، وقد شهدت فرنسا الثلاثاء من الأسبوع الجاي الفصل الأول، وبدأ نشطاء حقوقيون ينشرون في شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع متعددة من اعتداءات الشرطة. ضد المهاجرين.
ويشكل مقتل جورج فلويد في مينيابوليس بولاية مينيسوتا الأمريكية الاثنين من الأسبوع الماضي على يد أفراد الشرطة أكبر انتفاضة في الولايات المتحدة، وقد بدأت تتجاوز نسبيا الاحتجاجات التي شهدتها البلاد سنة 1968 في أعقاب اغتيال المدافع عن حقوق الأقلية السوداء مارتن لوثر كينغ.
وبدأت تظاهرات التضامن مع مقتل جورج فلويد والأقلية السوداء الأمريكية تنتقل الى أوروبا، حيث جرى تسجيل عدد من التظاهرات في لندن وبرلين وأمستردام وباريس، لكن تظاهرة باريس أخذت منحى مقلقا للسلطات الفرنسية وكذلك الأوروبية. فقد خرج عشرات الآلاف في باريس، 20 ألف وفق السلطات، مطالبين بالحقيقة في ملف مقتل أداما تراوري، فرنسي من أصول إفريقية لقي حتفه على يد الشرطة سنة 2016 في ظروف ملتبسة. ورغم حالة الطوارئ نتيجة كورونا فيروس وعدم الترخيص للتظاهرة، فقد شارك فيها عشرات الآلاف. كما شهدت مارسيليا وليون تظاهرات لصالح الحقيقة لأداما تراوري.
وكان المحلل الفرنسي المختص في الاستخبارات الاقتصادية كريستيان هالبوت قد كشف في حوار مع القناة الرقمية“ثينك فييو” يوم 20 مايو الماضي أن السلطات كانت قلقة إبان كورونا فيروس من اندلاع الاحتجاجات في ضواحي العاصمة باريس ومدن أخرى مثلما حدث منذ 15 سنة عندما انتفض شباب الضواحي من أصول مغاربية وإفريقية.
ويبدو أن هذا القلق أصبح حقيقية في فرنسا ابتداء من مساء الثلاثاء من خلال التظاهرات التي يمتزج فيها التضامن مع فلويد والحقيقة حول تراوري وكذلك التنديد بالأوضاع الاجتماعية الناتجة عن عجز الحكومة معالجة سلبيات كورونا فيروس على المجتمع وخاصة الفئات الضعيفة. وهو القلق نفسه الذي جاء في تقرير سري للحرس المدني الإسباني (شرطة عسكرية) الذي حذّر من احتمال انفجار الأوضاع الاجتماعية والسياسية في البلاد نتيجة التذمر المهيمن على نفسية الشبان والحركات القومية. وبدورها كانت الأجهزة الاستخباراتية الإيطالية قد نبهت خلال نهاية مارس وبداية أبريل الماضيين من احتمال قوي لاندلاع انتفاضات اجتماعية بسبب النتائج الوخيمة لكورونا فيروس على المجتمع. وكشف وزير شؤون الجنوب الإيطالي جيسوبي بروفينزانو في تصريحات سابقة من خطر كل المغامرات السياسية في البلاد وخاصة في الجنوب الذي تضرر كثيرا من الأزمة الاقتصادية.
وهناك عوامل قد تساعد على الانفجار الاجتماعي في أوروبا، وجود شريحة هامة من الأوروبيين من أصول إفريقية ومغاربية تعاني من التهميش الاجتماعي والسياسي والعنصرية ولقي عدد من أفرادها حتفهم على يد الشرطة، ثم التأثير البليغ لأحداث جورج فلويد على الرأي العام الأوروبي. وأخيرا، يكشف التاريخ أنه عندما تنفجر الأوضاع في دولة عادة ما تمتد الى باقي الدول التي تشترك معها في التقاليد والثقافة. فقد شهد العالم انتفاضة دول أوروبا الشرقية بعد سقوط جدار برلين، ثم منطقة أمريكا اللاتينية والعالم العربي مع الربيع العربي والآن قد تنفجر الأوضاع في الغرب بسبب ما تعانيه الشعوب.
ووعيا منها بخطورة الأوضاع ومحاولة احتواء التوتر واي انفجار، تعمل الدول الأوروبية والمفوضية الأوروبية على تخصيص ميزانيات ضخمة لتنشيط الاقتصاد وتقديم مساعدات اجتماعية، ويكفي أن الاتحاد الأوروبي خصص 750 مليار يورو، وهي الأعلى لتنشيط اقتصاد المنطقة.